للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٥- خطبته وقد تهيأ لغزو بلاد السُّغْد:

ولما صالح قتيبة أهل خوارزم، وسار إلى السغد١ سنة ٩٣هـ خطب الناس؛ فقال:

"إن الله قد فتح لكم هذه البلدة في وقتٍ الغزُو فيه ممكنٌ، وهذه السغد شاغرة٢ برجلها، قد نقضوا العهد الذي كان بيننا، ومنعونا ما كنا صالحنا عليه طَرْخُون، وصنعوا به ما بلغكم، وقال الله تعالى: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} ، فسيروا على بركة الله، فإني أرجو أن يكون خوارزم والسغد كالنضير٣ وقريظة٤، وقال الله تعالى: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} .

"تاريخ الطبري ٨: ٨٥"


١ وكان قتيبة حين فتح بخارى سنة ٩٠هـ، وأوقع بأهلها، هابه أهل السغد، وهي بين نهري سيحون وجيحون، وكانت قصبتها سمرقند، وهي بالسين، وربما قيلت بالصاد" وأتاه طرخون ملك السغد، وسأله الصلح على فدية يؤديها إليه، فأجابه قتيبة إلى ما طلب وصالحه، ثم نقضوا عهودهم.
٢ شغر الكلب كمنع: رفع إحدى رجليه ليبول.
٣ بنو النضير: حي من يهود خيبر، وكان بينهم وبين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهود يأمن بها كل فريق الآخر؛ ولكنهم لم يفوا بها حسدًا منهم وبغيًا، فبينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعض أصحابه في ديارهم؛ إذ ائتمر جماعة منهم على قتله بأن يلقي عليه أحدهم صخرة من علو، فاطلع عليه الصلاة والسلام على قصدهم، فرجع، فأرسل إليهم يأمرهم بالجلاء، لما تقدم منهم من الغدر، فتهيئوا للرحيل، فأرسل إليهم إخوانهم المنافقون يقولون: لا تخرجوا من دياركم ونحن معكم، فسار عليه الصلاة والسلام لقتالهم، وتحصن بنو النضير في حصونهم، وظنوا أنها مانعتهم من الله؛ فحاصرهم ست ليال؛ ثم أمر بقطع نخيلهم كي يسلموا؛ فقذف الله في قلوبهم الرعب؛ فسالوه أن يجليهم ويكف عن دمائهم؛ وأن لهم ما حملت الإبلُ من أموالهم إلا آلة الحرب ففعل؛ وصار اليهود يخربون بيوتهم بأيديهم؛ لئلا يسكنها المسلمون.
٤ كان يهود بني قريظة يساكنون المسلمين في المدينة؛ فانتهزوا فرصة اشتغال المسلمين بصد جموع الأحزاب -في غزوة الخندق- ونقضوا عهودهم معهم؛ وذلك أن حيي بن أخطب سيد بني النضير الذين =
"٢٠ -جمهرة خطب العرب- ثان".

<<  <  ج: ص:  >  >>