ومدح بعض الشعراء يعقوب بن عبد الرحمن الأوسط، فأمر له بمال جزيل، فلما كان مثل ذلك الوقت، جاءه بمدح آخر، فقال أحد خُدَّام يعقوب: هذا اللئيم له دين عندنا يقتضيه! فقال الأمير:
"يا هذا، إن كان الله تعالى خلقك مجبولًا على كره رب الصنائع، فاجرِ على ما جُبِلْتَ عليه في نفسك، ولا تكن كالأجرب يُعْدي غيره، وإن هذا رجل قصدنا قبلُ، فكان منا ما أَشِر١ به، وحمله على العودة، وقد ظن فينا خيرًا، فلا تخيِّب ظنَّه، والحديث أبدًا يحفظ القديم، وقد جاءنا على جهة التهنئة بالعمر، ونحن نسأل الله تعالى أن يطيل عمرنا، حتى يُكْثر تَرْدَاده، ويُدِيم نعمنا حتى نجد ما نُنْعِم به عليه، ويحفظ علينا مُرُوءتنا، حتى يعيننا على التجمّل معه، ولا يُبْلينا بجليس مثلك، يَقْبِض أيدينا عن إسداء الأيادي".
وأمر للشاعر بما كان أمر له به قبلُ، وأوصاه بالعود عند حلول ذلك الأوان ما دام العمر.