للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفود زيد بن منية على معاوية]

...

٣٦٥- وفود زيد ابن مُنْيَة على معاوية:

قدم زيد ابن منية على معاوية من البصرة، "وهو أخو يَعْلَى ابن منية١ صاحب جمل عائشة، ومتولّي تلك الحروب، ورأس أهل البصرة، وكان عتبة بن أبي سفيان قد تزوج ابنة يعلى ابن منية"؛ فلما دخل على معاوية شكا إليه دينًا لَزِمَه، فقال: يا كعب أعطه ثلاثين ألفًا، فلما ولَّى قال: وليومِ الجملِ ثلاثين ألفًا أخرى، ثم قال له: الحق بصهرك، "يعني عتبة، وكان يومئذ عامل مصر" فقدم عليه مصر، فقال:

"إني سرت إليك شهرين أخوض فيهما المتالف، ألبس أردية الليل مرة، وأخوض في لجج السراب٢ أخرى، موقرًا٣ من حسن الظن بك، وهاربًا من دهر فطم٤، ودين لزم٥، بعد غنًى جدعنا به أنوف الحاسدين؛ فلم أجد إلا إليك مهربًا، وعليك معولًا"، فقال عتبة: "مرحبًا بك وأهلًا، إن الدهر أعاركم غِنًى وخلطكم بنا، ثم استرد ما أمكنه أخذه، وقد أبقى لكم منا ما لا ضيقة٦ معه، وأنا واضع يدي ويدك بيد الله"؛ فأعطاه ستين ألفًا كما أعطاه معاوية.

"العقد الفريد ١: ١١٨، وصبح الأعشى ١: ٢٥٧".


١ في صبح الأعشى والعقد "منبه" بالباء وهو تصحيف والصواب "منية" وهو اسم أمه، واسم أبيه أمية، والتصحيح من تاريخ الكامل لابن الأثير. وكان يعلى عاملًا لعثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه على اليمن؛ فلما ولي علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه الخلافة عزله، وولى على اليمن عبيد الله بن عباس، فانصرف يعلى إلى مكة ومعه مال كثير، وانضم إلى السيدة عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها في قتال عليٍّ في وقعة الجمل.
٢ السراب: ما تراه نصف النهار كأنه ماء.
٣ محملًا من الوقر بالكسر: وهو الحمل الثقيل أو أعم، وأوقر الدابة إيقارًا.
٤ يروى بالفاء والقاف، فطمه وقطمه: قطعه، وضبط في صبح الأعشى بالقاف، وبالطاء المكسورة وصف من قطم كفرح: اشتهى اللحم أو غيره.
٥ وفي صبح الأعشى: "ودين أزم" وأزم كضرب وفرح: عض بالفم كله شديدًا.
٦ الضيقة: الفقر وسوء الحال، ويفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>