للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خطب المهلب بن أبي صفرة]

٤٢٨- خطبته في حث جنده على قتال الأزارقة:

وكان المهلب بن أبي صفرة -وهو على قتال الأزارقة- يأمر أصحابه بالتحرز ويخوفهم البيات، وإن بعد منهم العدو، ويقول: "احذروا أن تكادوا كما تكيدون، ولا تقولوا هزمنا وغلبنا؛ فإن القوم خائفون وجلون، والضرورة تفتح باب الحيلة، ثم قام فيهم خطيبًا فقال: "يا أيها الناس، إنكم قد عرفتم مذهب هؤلاء الخوارج، وأنهم إن قدروا عليكم فتنوكم في دينكم، وسفكوا دماءكم فقاتلوهم على ما قاتل عليه أولهم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه؛ فقد لقيهم قبلكم الصابر المحتسب مسلم بن عبيس، والعجل المفرط عثمان بن عبيد الله١، والمعصيّ المخالف


١ هو أخو عمر بن عبيد الله بن معمر الذي ولاه ابن الزبير البصرة "تولاها بعد عبد الله بن الحارث بن نوفل" وولى عثمان محاربة الأزارقة بعد مسلم بن عبيس؛ فخرج إليهم في اثني عشر ألفًا؛ فلما عبروا إليهم دجيلًا نهض إليهم الخوارج -وذلك قبيل الظهر- فقال عثمان بن عبيد الله لحارثة بن بدر: أما الخوارج إلا ما أرى؟ فقال له حارثة: حسبك بهؤلاء؛ فقال: لا جرم، والله لا أتغذى حتى أناجزهم؛ فقال له حارث: إن هؤلاء لا يقاتلون بالتعسف: فأبق على نفسك وجندك، فقال: أبيتم أهل العراق إلا جبنًا، وأنت يا حارثة ما علمك بالحرب؟ أنت والله بغير هذا أعلم "يعرض له بالشراب" فغضب حارثة فاعتزل وحاربهم عثمان يومه إلى أن غابت الشمس؛ فأجلت الحرب عنه قتيلًا، وانهزم الناس، وتولى حربهم بعده حارثة بن بدر فهزموه أيضًا؛ فهرب يركض حتى أتى دجيل؛ فركب سفينة هو وجماعة من أصحابه، وأتاه رجل من بني تميم، وعليه سلاحه، والخوارج وراءه؛ فصاح به: يا حارث ليس مثلي ضيع، فقال للملاح: قرب؛ فقرب إلي جرف؛ فطفر بسلاحه في السفينة، فساخت بالقوم جميعًا، فماتوا غرقًا، وتوجه الخوارج نحو البصرة، فضج الناس، وخافوهم خوفًا شديدًا، واختاروا لقتالهم المهلب بن أبي صفرة؛ فولاه القباع "وهو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي والي البصرة من قبل ابن الزبير بعد عمر بن عبيد الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>