للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٦- عبد الله بن هاشم بن عتبة، وعمرو بن العاص في مجلس معاوية:

روى المسعود في مروج الذهب قال:

"لما قتل علي كرم الله وجهه، كان في نفس معاوية من يوم صفين على هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال وولده عبد الله بن هاشم إحن؛ فلما استعمل معاوية زيادا على العراق، كتب إليه: "أما بعد: فانظر عبد الله بن هاشم بن عتبة، فشد يده إلى عنقه، ثم ابعث به إلي" فحمله زياد من البصرة مقيدًا مغلولا إلى دمشق، وقد كان زياد طرقه بالليل في منزله بالبصرة، فدخل إلى معاوية، وعنده عمرو بن العاص، فقال معاوية لعمرو بن العاص: هل تعرف هذا؟ قال: لا، قال: هذا الذي يقول أبوه يوم صفين١:

إني شريت النفس لما اعتلا ... وأكثرَ اللوْم وما أقلا٢

أعورُ يبغي أهلَه مَحَلا ... قد عالج الحياة حتى ملا٣

لا بد أن يَفُلَّ أو يُفلا ... يتُلُّهُم بذي الكعوب تلا٤

لا خير عندي في كريم ولَّى


١ وذلك أن عمار بن ياسر جاء إلى هاشم بن عتبة "وكان هاشم أعور فقئت عينه يوم اليرموك بالشام" فقال: يا هاشم، أعورا وجبنا! لا خير في أعور لا يغشى البأس، اركب يا هاشم، فركب ومضى معه وهو يرتجز: إني شريت النفس.. إلخ وعمار يقول: تقدم يا هاشم، الجنة تحت ظلال السيوف، والموت تحت أطراف الأسل، وقد فتحت أبواب السماء، وتزينت الحور العِين، اليوم ألقى الأحبة محمدًا وحزبه.
٢ شريت النفس: أي بعتها في سبيل الله، واعتله: تجنى عليه "أي ادعى ذنبا لم يفعله"، وفاعله ضمير عمار بن ياسر، فمعنى لما اعتل أي لما رماني عمار بالجبن.
٣ يبغي أهله محلا: أي يبغي محل أهله أي يطلب مصير أهله الذين استشهدوا في سبيل الله، فسكنوا جنات الخلد، فهو يبغي لقاءهم والاجتماع بهم هناك.
٤ يفل: يهزم ويغلب، وتله صرعه، أو ألقاه على عنقه وخده "وفي الأصل: أسلهم بذي الكعوب سلا وهو تحريف، إذ رواية الطبري، وابن الأثير يتلهم بالتاء، أو هو صحيح على معنى: أسل أرواحهم وانتزعها"، وذو الكعوب: الرمح، وكعوب الرمح: النواشر في أطراف الأنابيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>