للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتنة يزيد بن المهلب]

٣٣٩- أيوب بن سليمان بن عبد الملك يسأل عمه الوليد أن يؤمن يزيد بن المهلب: ١

لما فرَّ يزيدُ بن المهلب من سجن الحجاج وعذابِهِ "سنة ٩٠هـ في خلافة الوليد بن عبد الملك" نزل على أخيه سليمان متعوذًا به، وكتب سليمان إلى الوليد يطلب له الأمان؛ فكتب إليه يقسم أنه لا يؤمنه حتى يبعث به إليه؛ فأرسل ابنه أيوب معه، وكتب معه كتابًا، فلما دخل به على عمه، قال:

"يا أمير المؤمنين نفسي فداؤك، لاتخفر٢ ذمة أبي، وأنت أحق من منعها، ولا تقطع منا رجاء من رجا السلامة في جوارنا، لمكاننا منك، ولا تذل من رجا العز في الانقطاع إلينا لعزنا بك".

"تاريخ الطبري ٨: ٧٣"


١ وخبرُ ذلك أن الحجاج كان وفد على عبد الملك، فمر في منصرفه بدير فنزله، فقيل له: إن في هذا الدير شيخًا من أهل الكتب عالمًا، فدعا به وسأله: أتعلم ما إلي، من يليه بعدي؟ قال: رجلٌ يقال له يزيد، فوقع في نفسه أنه يزيدُ بن المهلب؛ إذ كان لا يرى من هو أهل لذلك سواه، وكان يكرهه لما يرى فيه من النجابة، ويخشى منه، وكان قد ولاه خراسان بعد وفاة أبيه سنة ٨٢، فكتب إلى عبد الملك يذم يزيد وآل المهلب، ويتهمهم بأنهم زبيرية الهوى، ويخوفه غدرهم، وما زال به حتى أجابه إلى ما سأل؛ فعزل يزيد سنة ٨٥، وولى مكانه قتيبة بن مسلم، وفي سنة ٨٧ حبس الحجاج يزيد وإخوته وعذبهم وأغرمهم، وكان يزيد يصبر صبرًا حسنًا، وكان الحجاج يغيظه ذلك، فقيل له: إنه رُمِيَ بنشابة، فثبت نصلها في ساقه؛ فهو لا يمسها شيء إلا صاح، فأمر أن يعذب ويدهق ساقه "أي تغمز شديدًا" فلما فعل به ذلك صاح -وأخته هند بنت المهلب عند الحجاج- فلا سمعت صياح أخيها صاحت وناحت فطلقها، ثم إن يزيد وإخوته أعملوا الحيلة في الفرار من سجن الحجاج "سنة ٩٠" ولحقوا بسليمان بن عبد الملك مستجيرين به، وكتب الحجاج إلى الوليد: إن آل المهلب خانوا مال الله، وهربوا مني، ولحقوا بسليمان، واستشفع سليمان أخاه الوليد، وما زال به حتى شفعه فيه، فلما ولي الخلافة سليمان سنة ٩٦ ولى يزيد أمر العراق، ثم ولاه خراسان سنة ٩٧.
٢ خفر به كضرب، وأخرفه: نقض عهده وغدره.

<<  <  ج: ص:  >  >>