كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة

الباب الأول في خطب الأندلسيين والمغاربة - وصية موسى بن سعيد العنسي لابنه - ج: 3 - ص: 208

١٩- وصية موسى بن سعيد العَنْسي ١ لابنه:

قال أبو الحسن علي بن موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد العَنْسي:

لما أردت النهوض من ثغر الإسكندرية إلى القاهرة، أول وصولي إلى الإسكندرية رأى أبي أن يكتب لي وصية أجعلها إمامًا في الغربة، فبقي فيها أياما إلى أن كتبتها عنه، وهي هذه:

أُودِعك الرحمن في غربتك ... مرتقبا رحماه في أَوْبَتِك

---

١ هو الكاتب الشهير أبو عمران موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد العَنْسي، من سلالة عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه، وقد نَوَّه به ابن هود ملك الأندلس، وولاه الجزيرة الخضراء، وهو ممن رحل من علماء الأندلس إلى المشرق، وتوفي بالإسكندرية سنة٦٤٠هـ عن ٦٧ عاما. وكان أبوه محمد وزيرا جليلا بعيد الصيت، عالي الذكر، رفيع الهمة، كثير الأموال، وكان ذا حظوة لدى الموحدين، وولي لهم أعمالا كثيرة بمراكش وإشبيلية وغرناطة، واتصلت ولايته على أعمال غرناطة، وكان من شيوخها وأعيانها.
وكان جده عبد الملك بن سعيد صاحب قلعة بني سعيد تحت طاعة على بن يوسف بن تاشفين مالك البربر، إلى أن استبد بها سنة ٣٩هـ.
وابنه أبو الحسن علي هو متمم كتاب: "المغرب في أخبار المغرب"، وكان السبب في تأليفه هو جده عبد الملك بن سعيد، ثم تممه ابنه محمد بن عبد الملك، ثم تمم ما بقي منه ابنه موسى بن محمد، ثم أربى على الجميع في إتمامه علي بن موسى، وقد ذكر في خطبته أنه بدئ فيه من سنة ٥٣٠، ومنها إلى غرة سنة ٦٤١هـ، وكان مولد أبي الحسن بغرناطة سنة ٦١٠، ووفاته بتونس سنة ٦٨٥هـ.