للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨- رد ابن عباس عليه:

فقال ابن عباس لقائده سعيد بن جبير مولى بني أسد بن خزيمة -وكان ابن عباس قد كف بصره- استقبل بي وجه ابن الزبير وارفع من صدري، فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير وأقام قامته، فحسر عن ذراعيه، ثم قال: "يابن الزبير:

قد أنصف القارة من راماها ... إنا إذا ما فئة نلقاها

نرد أولاها على أخراها ... حتى تصير حرضا دعواها١

يابن الزبير: أما العمى، فإن الله تعالى يقول: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ، وأما فُتياي في القملة والنملة، فإن فيها حكمين لا تعلمهما أنت ولا أصحابك، وأما حملي المال، فإنه كان ما لا جبيناه، فأعطينا كل ذي حق حقه، وبقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله، فأخذناها بحقنا، وأما المتعة فسل أمك أسماء إذ نزلت عن بُرْدَيْ عوسجة، وأما قتالنا أم المؤمنين، فبنا سميت أم المؤمنين، لا بك ولا بأبيك، فانطلق أبوك وخالك٢ إلى حجاب مده الله عليهما، فهتكاه عنها، ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها، وصانا حلائلهما في بيوتهما، فما أنصفا الله ولا محمدًا من أنفسهما أن أبرزا زوجة نبيه وصانا حلائلهما، وأما قتالنا إياكم، فإنا لقيناكم زحفا، فإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا، وإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا، وايم الله لولا مكان صفية فيكم، ومكان خديجة فينا، لما تركت لبني أسد بن عبد العزى عظيما إلا كسرته"


١ الحرض: الفساد في المذهب والعقل والبدن.
٢ يعني طلحة وهو ابن عم جده أبي بكر الصديق، فهو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عبيد الله بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، وأبو بكر هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب.. إلخ، وإنما جعله خاله باعتبار القرابة النسوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>