للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ورسوله، ويفتي في القملة والنملة، وقد احتمل بيت مال البصرة١ بالأمس، وترك المسلمين بها يرتضخون٢ النوى، وكيف ألومه في ذلك: وقد قاتل أم المؤمنين وحواري رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن وقاه بيده٣".


١ ذكر بعض المؤرخين أن ابن عباس كان من أحب الناس إلى عمر، وكان يقدمه على أكابر الصحابة، ولم يستعمله قط، فقال له يومًا: كدت أستعملك، ولكن أخشى أن تستحل الفيء على التأويل، فلما صار الأمر إلى علي استعمله على البصرة، فاستحلَّ الفيء على تأويل قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} ، واستحله لقرابته من رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: ومر ابن عباس على أبي الأسود الدؤلي، فقال: لو كنت من البهائم لكنت جملا، ولو كنت راعيًا ما بلغت من المرعى، ولا أحسنت مهنته في المشي، فكتب أبو الأسود إلى علي كتابا يقول فيه: "إن ابن عمك قد أكل ما تحت يديه بغير علمك، فلم يسعني كتمانك ذلك، فانظر رحمك الله فيما هنالك" فكتب علي إلى ابن عباس "أن ارفع إلي حسابك" فرد عليه ابن عباس: "إن كل الذي بلغك باطل" فكتب إليه علي: "إنه لا يسعني تركك، حتى تعلمني ما أخذت من الجزية، من أين أخذته، وما وضعت منها، أين وضعته" فلما رأى أن عَلِيًّا غير مقلع عنه كتب إليه: "ابعث إلى عملك من أحببت، فإن ظاعنٌ عنه" ورحل عن البصرة، وقد حمل ما كان في بيت مالها حتى قدم الحجاز، فنزل مكة، وتبودلت الكتب بين علي وبينه ثانية، وكانت خاتمتها أن كتب إليه ابن عباس: "والله لئن لم تدعني من أساطيرك لأحملنه إلى معاوية يقاتلك به" فكف عنه علي، -انظر العقد الفريد ج٢: ص٢٤٢، وتاريخ الطبري ٦: ٨١، ونهج البلاغة ج٢: ٤٦-.
وقال آخرون: إن ابن عباس ما فارق عَلِيًّا ولا باينه، ولم يزل أميرًا على البصرة إلى أن قتل علي وبعد مقتل على حتى صالح الحسن معاوية، ثم خرج حينئذ إلى مكة، وليس هذا موضع بحث تلك المسألة -انظر كلمة عنها في شرح ابن أبي الحديد ج١٦ ص٦٤، وأمالي السيد المرتضى ج١ ص١٢٣.
٢ رضخ النوى "كمنع وضرب" كسره، وفي لسان العرب: "فظلوا يترضخون أي يكسرون الخبز فيأكلونه ويتناولونه" ولم أجد في كتب اللغة "يرتضخ" بهذا المعنى، وإنما الذي جاء "وهو يرتضخ لكنة عجمية إذا نشأ معهم ثم صار إلى العرب فهو ينزع إلى العجم في ألفاظه ولو اجتهد" وقول ابن الزبير كناية عن شدة القحط والفاقة.
٣ كان طلحة بن عبيد الله ممن ثبت مع رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحامى عنه في وقعة أحد وقد انهزم المسلمون، ووقاه بيده من سيوف المشركين، وقد رمي سهم في يده، فيبست، وقال عليه الصلاة والسلام يومئذ "اليوم أوجب طلحة الجنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>