للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بَرْدَيْ عوسجة، فقالت: ألم أنهك عن ابن عباس، وعن بني هاشم؟ فإنهم كُعُم١ الجواب إذا بدهوا٢" فقال: بلى وعصيتك، فقالت: يا بني احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الإنس والجن، واعلم أن عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها، فإياك وإياه آخر الدهر".

ورواية صاحب العقد: "أن ابن عباس قال لعكرمة: أقم وجهي نحوه يا عكرمة، ثم قال:

إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي فؤادي وعقلي منهما نور

وأما قولك يابن الزبير: إني قاتلت أم المؤمنين، فأنت أخرجتها وأبوك وخالك، وبنا سميت أم المؤمنين، فكنا لها خير بنين، فتجاوز الله عنها، وقاتلت أنت وأبوك عليًّا، فإن كان علي مؤمنًا فقد ضللتم بقتالكم المؤمنين، وإن كان كافرا فقد بوئتم بسخط من الله بفراركم من الزحف. وأما المتعة فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص فيها، فأفتيت بها، ثم سمعته ينهى عنها، فنهيت عنها٣.


١ كَعَمَ البعير كمنع: شُدَّ فاه لئلا يعض أو يأكل، الكعام ككتاب: ما يجعل على فمهن والجمع كعم ككتب. والمعنى أنهم ذوو أجوبة مسكتة مخرسة تلجم أفواه مناظريهم.
٢ بدهه بأمر كمنعه: استقبله به أو بدأه به.
٣ جاء في المصباح المنير: "المتعة اسم التمتع، ومنه متعة الحج، ومتعة النكاح، ومتعة الطلاق، ونكاح المتعة هو المؤقت في العقد، وقال في العباب: كان الرجل يشارط المرأة شرطا على شيء إلى أجل معلوم، ويعطيها ذلك فيستحل بذلك فرجها، ثم يخلي سبيلها من غير تزويج ولا طلاق، وقيل في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} المراد نكاح المتعة، والجمهور على تحريم نكاح المتعة، وقالوا معنى قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ} فما نكحتم على الشريطة التي في قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي عاقدين النكاح، واستمتعت بكذا وتمتعت: انتفعت، ومنه تمتع بالعمرة إلى الحج: إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وبعد تمامها يحرم بالحج، فإنه بالفراغ من أعمالها يحل له ما كان حرم عليه، فمن ثم يسمى متمتعًا" أ. هـ. وجاء في التفاسير: "وقيل نزلت الآية في المتعة التي كانت ثلاثة أيام حين فتحت مكة ثم نسخت: لما روي أنه عليه الصلاة والسلام أباحها، ثم أصبح يقول: "يأيها الناس إني كنت أمرتكم بالاستمتاع من هذه النساء، ألا إن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة" وهي النكاح الموقت بوقت معلوم سمي بها، إذ الغرض منه مجرد الاستمتاع بالمرأة وتمتيعها بما تعطى، وجوزها ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ثم رجع عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>