للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دراسة العلم، وطول التجارب زيادة في العقل، والقناعة راحة الأبدان، والشرف التقوى، والبلاغة معرفة رَتْق الكلام وفَتْقِه، بالعقل تستخرج الحكمة، وبالحلم يستخرج غَوْر العقل، ومن شَمَّر في الأمور، ركب البحور، شر القول ما نقض بعضُه بعضًا، ومن سعى بالنميمة حَذِره البعيد، ومَقَتَه القريب. ومن أطال النظر بإرادةٍ تامة أدرك الغاية، ومن توانى في نفسه ضاع. من أسرف في الأمور انتشرت عليه، ومن اقتصد اجتمعت له، واللَّجَاجة تورث الضَّيَاع للأمور، غِبُّ الأدب أحمد من ابتدائه، مبادرة الفهم تورث النسيان، سوء الاستماع يُعْقِب العِيّ، لا تُحْدِّث من لا يقبل بوجهه عليك، ولا تُنْصِت لمن لا يَنْمِى١ بحديثه إليك. البلادة للرجل هُجْنَة، قل مالك إلا استأثر، وقلَّ عاجز إلا تأخر، الإحجام عن الأمور يورث العجز، والإقدام عليها يورث اجتلاب الحظ، سوء الطُّعمة٢ يفسد العِرْضَ، ويُخْلِق الوجه، ويمحق الدين، والهيبة قرين الحرمان، والجسارة قرين الظفر، وَفِيُّك من أنصفك، وأخواك من عاتَبَك، وشريكك من وَفَى لك، وصَفِيُّك من آثرك، أعدى الأعداء العقوقُ، اتباع الشهوة يورث الندامة، وفوت الفرصة يورث الحسرة جميع أركان الأدب التأنِّي للرِّفق، أكْرِم نفسك عن كل دنيَّة، وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لا تجد بما تبذل من دينك ونفسك عوضًا، لا تساعد٣ النساء فَيَمْلَلْنك، واستبقِ من نفسك بقيَّة، فإنهن أن يرين أنك ذو اقتدار، خير من أن يطَّلعن منك على انكسار، لا تملِّك المرأة الشفاعة لغيرها، فتميل من شفعت لها عليك معها، أي بني، إني قد اخترت لك الوصية، ومَحضتك النصيحة، وأديت الحق إلى الله في تأديبك، فلا تُغْفِلَنَّ الأخذ بأحسنها، والعمل بها، والله موفقك".

"البيان والتبيين ٣: ٢٣٢".


١ نمى الحديث ونماه بالتشديد: رفعه.
٢ الطعمة: وجه المكسب.
٣ لعلها "لا تقاعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>