للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أسد مضر بسلاء بين غيلين١، إذا أرسلتها افترست، وإذا تركتها احترست".

فقال معاوية: "هنالك يابن صوحان، العز الراسي، فهل في قومك مثل هذا"؟ قال: هذا لأهله دونك يابن أبي سفيان، ومن أحب قومًا حشر معهم" قال: فأخبرني عن ديار ربيعة، ولا يستخفنك الجهل، وسابقة الحمية بالتعصب لقومك٢، قال: "والله ما أنا عنهم براض، ولكني أقول فيهم وعليهم، هم والله أعلام الليل، وأذناب في الدين والميل، لن تغلب رايتها إذا رشحت، خوارج الدين، برازخ اليقين، من نصروه فلج٣، ومن خذلوه زلج٤". قال: فأخبرني عن مضر، قال: "كنانة٥ العرب، ومعدن العز والحسب، يقذف البحر بها آذيَّه٦، والبر رديه" ثم أمسك معاوية، فقال له صعصعة: سل يا معاوية، وإلا أخبرتك بما تحيد عنه، قال: وما ذاك يابن صوحان؟ قال: "أهل الشام" قال: "فأخبرني عنهم قال: "أطوع الناس لمخلوق، وأعصاهم للخالق، عصاة الجبار، وخلفة٧ الأشرار، فعليهم الدمار، ولهم سوء الدار". فقال معاوية: "والله


=-وكانت من أدم- لمضر، وهذا الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة، وهذه الخادم -وكانت شمطاء- لإياد، وهذه البدرة "بالفتح: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار" والمجلس لأنمار يجلس فيه، فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون، فأتوا الأفعى الجرهمي، ومنزله بنجران، فتشاجروا في ميراثه، فاختصموا إلى الأفعى الجرهمي، وهو حكم العرب، فقصوا عليه قصتهم، وأخبروه بما أوصى به أبوهم فقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر، فذهب بالدنانير والإبل الحمر، فسمي مضر الحمراء لذلك، وقال: وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود، فله كل شيء أسود، فصارت لربيعة الخيل الدهم، فقيل: ربيعة الفرس وما أشبه الخادم الشمطاء فهو لإياد، فصار له الماشية البلق من الحبلق والنقد "الحبلق: بفتح الحاء والباء وتشديد اللام: غنم صغار لا تكبر، أو قصار المعز ودمامها، والنقد كسبب: جنس من الغنم قبيح الشكل" فسمي إياد الشمطاء، وقضى لأنمار بالدراهم وبما فضل: فسمي أنمار الفضل، فصدروا من عنده على ذلك- مجمع الأمثال ١: ١٠.
١ بسلاء جمع باسل: وهو الأسد والشجاع، والغيل بالكسر ويفتح: الشجر الكثير الملتف والأجمة.
٢ وكان صعصعة من بني عبد القيس بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
٣ فلج على خصمه: ظفر وفاز.
٤ زلق وزل.
٥ الكنانة في الأصل: جعبة السهام.
٦ الآذي: الموج.
٧ الخلفة في الأصل: ما علق خلف الراكب، والمراد بها هنا أتباع.

<<  <  ج: ص:  >  >>