للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا كمرعًى على دمنة١، وكفضة على ملحودة٢، ألا ساء ما قدمت أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون؟ إي والله فابكوا، وإنكم والله أحرياء٣ بالبكاء، فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها٤ ولن تُرْحِضوها٥ بِغَسْل بعدها أبدًا، وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شبان أهل الجنة، ومنار محجتكم، ومدرة٦ حجتكم، ومفرخ٧ نازلتكم، فتعسًا ونُكْسًا٨، لقد خاب السعي، وخسرت الصفقة٩، وبؤتم١٠ بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، لقد جئتم شيئا إدًا١١، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا١٢؛ أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم، وأي كريمة له أبرزتم، وأي دم له سفكتم؟ لقد جئتم بها شوهاء خرقاء١٣، شرُّها طِلاعُ١٤ الأرض والسماء؛ أفعجبتم أن قطرت السماء دمًا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون؛ فلا ستخفنكم المهل، فإنه لا تحفزه المبادرة١٥، ولا يخاف عليه فوت الثأر، كلا، إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد١٦" ثم


١ الدمنة: آثار الدار بعد الرحيل عنها من البعر والرماد وغيرهما، أخذت هذا القول من قول جدها عليه الصلاة والسلام: "إياكم وخضراء الدمن" وهي المرأة الحسناء في منبت السوء.
٢ ملحودة: مدفونة في لحدها، تريد أنهم لا ينتفع بهم.
٣ جديرون.
٤ الشنار: أقبح العيب.
٥ رحضه كمنعه وأرحضه: غسله.
٦ دره عن القوم كمنع: إذا تكلم عنه ودفع فهو مدره.
٧ أي مذهب ومزيل، يقال: "أفرخ روعك" -على الأمر وبضم الراء من روعك- أي اسكن وأمن، والروع: القلب.
٨ التعس: الهلاك، ونكسه نكسا: قلبه على رأسه، والنكس بالضم عود المرض بعد النقه، ويقال: تعسا له ونكسا، بضم النون وقد يفتح ازدواجا.
٩ البيعة.
١٠ رجعتم.
١١ أي فظيعا منكرا
١٢ يتشققن، وتخر: تسقط، هدًّا: أي تهد هدا
١٣ بها أي بفعلتكم هذه، وخرقاء من الخرق: وهو ألا يحسن الرجل العمل والتصرف في الأمور.
١٤ طلاع الشيء: ملؤه
١٥ أي لا تدفعه إلى العقوبة المبادرة إلى الذنب، والضمير لله تعالى.
١٦ المرصاد: الطريق والمكان يرصد فيه العدو، ورصده: رقبه، أي يرصد أعمال العباد فلا يفوته منها شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>