للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسارى، أن بنا هوانًا على الله، وبك عليه كرامة؟ وأن هذا لعظيم خطرك؟ فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفي١، جذلان فرحًا، حين رأيت الدنيا مستوسقة لك، والأمور متسقة٢ عليك، وقد أُمْهِلْتَ ونُفِّسْتَ٣، وهو قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي ٤ لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} أمن العدل، يابن الطلقاء تخديرك٥ نساءك وإماءك وسوقك بنات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد هتكتَ ستورهن، وأصحلتَ٦ صوتهن، مكتئبات تخدي٧ بهن الأباعر، ويحدو٨ بهن العادي، من بلد إلى بلد، لا يراقبن ولا يؤوين، يتشوفهن٩ القريب والبعيد، ليس معهن ولي١٠ من رجالهن، وكيف يُستبطأ في بغضتنا من نظر إلينا بالشنف١١ والشنآن، والإحن والأضغان؟ أتقول: "ليت أشياخي ببدر شهدوا" غير متأثم ولا مستعظم؟ وأنت تنكت ثنايا أبي عبد الله بمخصرتك١٢، ولم لا تكون كذلك وقد نكأت١٣ القرحة، واستأصلت الشأفة١٤، بإهراقك دماء ذرية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونجوم


١ أي جانبيك، وهو كناية عن إعجابه بنفسه.
٢ من استوسقت الإبل: أي اجتمعت، ومتسقة: منتظمة.
٣ أي فسح لك في أمرك، من نفس الله كربته: فرجها.
٤ نمهل.
٥ صونهن في خدورهن.
٦ أبححته، صحل صوته كفرح: بح.
٧ خدى البعير والفرس كجرى: أسرع وزج بقوائمه، أو هو ضرب من سيرهما.
٨ يسوق.
٩ يتطاول وينظر إليهن ويشرف عليهن.
١٠ قريب أو نصير.
١١ سبق تفسيره، وفي الأصل "بالشنق" وهو تحريف "والشنق: أن تكف البعير بزمامه حتى تلزق ذفراه بقادمة الرحل، والذفرى بكسر الذال: العظم الشاخص خلف الأذن"، والشنآن: الكراهية، والإحن: الأحقاد.
١٢ المخصرة: ما يأخذه الملك يشير به إذا خاطب.
١٣ نكأ القرحة كمنع: قشرها قبل أن تبرأ فنديت، كناية عن نبشه عما كاد ينسى من العداوة بين بني هاشم وبني أمية.
١٤ الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى، فتذهب، واستأصل الله شأفته: أذهبه كما تذهب تلك القرحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>