للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرضًا١ منك لرميت، بل أرى شبحًا، ولا إخال مثالا إلا كسراب٢ بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، أما لو كنت كفئًا لرميت حصائلك٣ بأذرب من ذلق٤ السنان، ولرشقتك بنبال، تردعك عن النضال، ولخطمتك بخطام٥، يخزم منك موضع الزمام٦". فاتصل الكلام بابن عباس، فاستضحك٧ من الفزاري، وقال: "أما لو كلف أخو فزارة نفسه نقل الصخور من جبل شمام ٨ إلى الهضاب، لكان أهون عليه من منازعة أخي عبد القيس، خاب أبوه، ما أجهله! يستجهل أخا عبد القيس وقواه المريرة٩! ثم تمثل:

صبت عليه ولم تنصب من أمم ... إن الشقاء على الأشقيْنَ مصبوب١٠

"مروج الذهب ٢: ٨٢"


١ الغرض: الهدف.
٢ السراب: ما يرى نصف النهار كأنه ماء، والقيعة جمع قاع: وهو أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام، ويجمع أيضًا على قيع "بالكسر" وقيعان وأقواع وأقوع.
٣ الحصائل جمع حصيلة، يقال: حصل الشيء تحصيلا والاسم الحصيلة، قال لبيد:
وكل امرئ يوما سيعلم غيبه ... إذا حصلت عند الإله الحصائل
والمعنى: لرميت ما حصلته من العلم والمعرفة.
٤ ذلق السنان واللسان كفرح: ذرب فهو ذلق وأذلق، وذلق السنان من إضافة الصفة إلى الموصوف.
٥ الخطام: كل ما وضع في أنف البعير ليقتاد به، وخطمه بالخطام جعله على أنفه، أو جزَّ أنفه ليضع عليه الخطام، وخطمه بالكلام قهره ومنعه حتى لا ينبس.
٦ خزم البعير: جعل في جانب منخره الخزامة "ككتابة" والزمام: ما يزم به.
٧ استضحك الرجل وتضاحك بمعنى.
٨ جبل بالعالية.
٩ أي القوية، يقال: رجل مرير أي قوي ذو مِرة "والمرة بالكسر القوة".
١٠ الأمم: القرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>