للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تتعظون، أفنقتدي بسيرتكم في أنفسكم، أم نطيع أمركم بألسنتكم؟ فإن قلتم: اقتدوا بسيرتنا، فأنى وكيف؟ وما الحجة؟ وما المصير من الله؟ أنقتدي بسيرة الظلمة الفسقة، الجورة الخونة، الذين اتخذوا مال الله دولا١، وعبيده خولا٢؟ وإن قلتم: اسمعوا نصيحتنا، وأطيعوا أمرنا، فكيف ينصح لغيره من يغش نفسه؟ أم كيف تجب الطاعة لمن لم تثبت عند الله عدالته؟ وإن قلتم خذوا الحكمة من حيث وجدتموها، واقبلوا العظة ممن سمعتموها. فعلام وليناكم أمرنا، وحكمناكم في دمائنا وأموالنا؟ أما علمتم أن فينا من هو أنطق منكم باللغات، وأفصح بالعظات؟ فتخلوا عنها٣، وأطلقوا عقالها، وخلوا سبيلها، ينتدب٤ إليها آل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذين شردتموهم في البلاد، ومزقتموهم في كل وادٍ، بل تثبت في أيديكم لانقضاء المدة، وبلوغ المهلة، وعظم المحنة، إن لكل قائم قدرا لا يعدوه، ويوما لا يخطوه، وكتابا بعده يتلوه: {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} تم الْتُمِسَ الرجلُ فلم يوجد

"نهاية الأرب ٧: ٢٤٩".


١ جمع دولة بالضم: أي جعلوه متداولا بينهم.
٢ الخول: ما أعطاك الله تعالى من النعم "محركة" والعبيد والإماء وغيرهم من الحاشية الواحد والجميع والذكر والأنثى، ويقال للواحد: خائل.
٣ أي عن الخلافة
٤ انتدب إليه: أسرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>