للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولك أنا عبد الله وهو معاوية، فقد علمت قريش أيُّنا أجود في الإزم١، وأحزم في القدم، وأمنع للحرم، لا والله ما أراك منتهيا حتى تروم من بني عبد مناف ما رام أبوك، فقد طالعهم الذحول٢، وقدم إليهم الخيول، وخدعتم أم المؤمنين، ولم تراقبوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ مددتم على نسائكم السجوف٣، وأبرزتم زوجته للحتوف، ومقارعة السيوف، فلما التقى الجمعان نكص أبوك هاربًا، فلم ينجه ذلك أن طحنه أبو الحسين بكلكله طحن الحصيد٤، بأيدي العبيد، وأما أنت فأفلتَّ بعد أن خمشتك٥ براثينه، ونالتك مخاليبه، وايم الله ليقوِّمَنَّكَ بنو عبد مناف بثقافها٦ أو لتصبحنّ منها صباح أبيك بوادي السباع٧، وما كان أبو المدهن حده٨، ولكنه كما قال الشاعر:

تناول سرحانٌ فريسةَ ضيغمٍ ... فقضقضه بالكفّ منه وحطما٩

"العقد الفريد ٢: ١١٣"


١ الأزمة "بالفتح ويحرك" الشدة، وجمعها إزم "كشمس عنب".
٢ جمع ذحل "بالفتح" وهو الثأر، والعدواة، والحقد: أي كاشفهم بذلك.
٣ جمع سجف "بالفتح ويكسر" الستر.
٤ الحصيد: الزرع المحصود.
٥ خمشه: خدشه.
٦ الثقاف: ما تسوى به الرماح.
٧ مقتل أبيه الزبير.
٨ حده: بأسه، والمدهن: المغشوش، من أدهن أي غش، والمعنى أنه كان شديد البأس لم تشب بسالته شائبة خور ولكنه.. إلخ "وفي الأصل "المدهن خده" بالخاء وأراه مصحفًا".
٩ السرحان: الذئب، والضيغم: الأسد، وقضقضه فتقضقض: كسره ودقه، والقضقضة: صوت كسر العظام. وفي الأصل: ففضفضه بالفاء، وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>