للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمر، وبرئ من عثمان وعليّ، وكفَّرَ أباه وطلحة بايعناه، وإن تكن الأخرى، ظهر لنا ما عنده، فتشاغلنا بما يجدي علينا.

فدخلوا على ابن الزبير وهو مبتذل١، وأصحابه متفرقون عنه، فقالوا: إنا جئناك لتخبرنا رأيك، فإن كنت على الصواب بايعناك، وإن كنت على غيره دعوناك إلى الحق، ما تقول في الشيخين؟ قال: خيرًا. قالوا: فما تقول في عثمان الذي أحمى٢ الحمى، وآوى الطريد٣، وأظهر لأهل مصر شيئًا وكتب بخلافه، وأوطأ آل أبي معيط٤ رقاب الناس، وآثرهم بفيء المسلمين، وفي الذي بعده، الذي حَكَّمَ في دين الله الرجال، وأقام على ذلك غير تائب ولا نادم، وفي أبيك وصاحبه، وقد بايعا عليًّا وهو إمام عادل مرضي لم يظهر منه كفر، ثم نكثا بعرض من أعراض الدنيا، وأخرجا عائشة تقاتل، وقد أمرها الله وصواحبها أن يقرن٥ في بيوتهن، وكان لك في ذلك ما يدعوك إلى التوبة، فإن أنت قلت كما نقول فلك الزلفى٦ عند الله والنصر على أيدينا، ونسأل الله لك التوفيق وإن أبيت إلا نصر رأيك الأول، وتصويب أبيك وصاحبه، والتحقيق بعثمان والتولي في السنين الست التي أحلت دمه، ونقضت أحكامه، وأفسدت إمامته، خذلك الله


١ المبتذل: لابس البذلة "بالكسر" أو المبذلة: وهي الثوب الخلق وما لا يصان من الثياب.
٢ أحمى المكان: جعله حمى لا يقرب، وكان من المطاعن التي وجهت إلى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه حمى الحمى عن المسلمين مع أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعلهم سواء في الماء والكلأ، ولما سئل في ذلك قال: إنما فعلت ذلك لإبل الصدقة، وقد أطلقته الآن، وأنا أستغفر الله، وروى الواقدي أن عثمان كان يحمي الربذة والشرف والبقيع، فكان لا يدخل الحمى بعير له ولا فرس ولا لبني أمية حتى كان آخر الزمان، كان يحمي الشرف لإبله وكانت ألف بعير ولإبل الحكم بن أبي العاص، ويحمي الربذة لإبل الصدقة. ويحمي البقيع لخيل المسلمين وخيله وخيل بني أمية. شرح ابن أبي الحديد م١: ص٢٣٥.
٣ هو الحكم بن أبي العاص، انظر ص١٠٤.
٤ ممن ولاهم عثمان الوليد بن عقبة بن أبي معيط ولاه الكوفة، وهو أخو عثمان لأمه.
٥ من قرَّ بالمكان يقرُّ "بالكسر والفتح" قرارًا أي استقر أصله يقررن حذفت الأولى من الراءين ونقلت حركتها إلى القاف.
٦ الزلفة والزلفى: القربة والمنزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>