للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أحلافها١ المطيَّبين، ولا من سادتها المطعِمين، ولا من جودائها٢ الوهابين، ولا من هاشمها المنتخبين، ولا عبد شمسها المسودين، وكيف نقاتل الرءوس بالأذناب، وأين النصل من الجفن٣ والسنان من الزج٤، والذنابَى٥ من القدامى٦ وكيف يفضل الشحيح على الجواد، والسوقة على الملك؛ والجامع بخلا على المطعم فضلا؟ ".

فغضب ابن الزبير حتى ارتعدت فرائصه٧، وعرق جبينه، واهتز من قرنه إلى قدمه، وامتقع لونه، ثم قال له: يابن البوالة على عقبيها، ويا جلف٨، يا جاهل، أما والله لولا الحرمات الثلاث: حرمة الإسلام، وحرمة الحرم، وحرمة الشهر الحرام، لأخذت الذي فيه عيناك، ثم أمر به إلى سجن "عارم" فحبس به مدة، ثم استوهبته هذيل، ومن له من قريش خئولة في هذيل، فأطلقه بعد سنة، وأقسم ألا يعطيه عطاء مع المسلمين أبدًا.

فلما ولي عبد الملك، أمر له بما فاته من العطاء، ومثله صلة من ماله وكساء وحمله.


١ الأحلاف في قريش ست قبائل: عبد الدار، وكعب، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدي؛ لأنهم لما أراد بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والسقاية، وأبت عبد الدار، عقد كل قوم على أمرهم حلفًا مؤكدًا على أن لا يتخاذلوا، فأخرجت عبد مناف جفنة مملوءة طيبًا، فوضعتها لأحلافهم وهم أسد، وزهرة، وتيم عند الكعبة، فغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفًا آخر مؤكدًا فسموا الأحلاف، وقوله المطيبين: لغمس أيديهم في الطيب.
٢ جوداء: جمع جواد، وهو السخيّ، ويجمع أيضًا على أجواد وأجاود.
٣ غمد السيف.
٤ الحديدة في أسفل الرمح.
٥ الذنب.
٦ أربع أو عشر ريشات في مقدم الجناح.
٧ جمع فريصة، وهي اللمة بين الجنب والكتف.
٨ الجلف: الرجل الجافي.

<<  <  ج: ص:  >  >>