للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للناس على الله حجة بعد الرسل، ويكون بلاغا لقوم عابدين١. أوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم الذي ابتدأ الأمور بعلمه، وإليه يصير معادها، وانقطاع مدتها، وتصرم دارها، ثم إني أحذركم الدنيا، فإنها حلوة خضرة٢، حفت بالشهوات، وراقت بالقليل، وأينعت بالفاني، وتحببت بالعاجل، لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجيعتها، أكالة غوالة غرارة، لا تبقى على حال، ولا يبقى لها حال. لن تعدو الدنيا إذا تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها والرضا بها أن تكون كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} نسأل الله ربنا وإلهنا وخالقنا ومولانا أن يجعلنا وإياكم من فزع يومئذ آمنين، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله، يقول الله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} .

"العقد الفريد: ٢: ١٤٢"


١ أي همهم العبادة.
٢ ناضرة.
٣ أي عنتكم "مشقتكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>