للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ فأسا معه، ورصد الحية حتى خرجت، فضربها ضربة جرحت رأسها ولم تقتلها، فثارت الحية، فقتلته، ورجعت إلى جحرها، فقام أخوه، فدفنه، وأقام حتى إذا كان من الغد خرجت الحية معصوبًا رأسها، ليس معها شيء، فقال لها: يا هذه إني والله ما رضيت ما أصابك، ولقد نهيت أخي عن ذلك، فهل لك أن نجعل الله بيننا أن لا تضريني ولا أضرك وترجعين إلى ما كنت عليه؟ قالت الحية: لا، قال: ولم ذلك؟ قالت: إني لأعلم أن نفسك لا تطيب لي أبدًا وأنت ترى قبر أخيك، ونفسي لا تطيب لك أبدًا وأنا أذكر هذه الشجة١، وأنشدهم شعر النابغة:

فقالت أرى قبرًا تراه مقابلي ... وضربة فأس فوق رأسي فاغره

فيا معشر قريش وليكم عمر بن الخطاب، فكان فظا غليظا مضيقا عليكم، فسمعتم له وأطعتم، ثم وليكم عثمان فكان سهلا، فعدوتم عليه فقتلتموه، وبعثنا عليكم "مسلمًا"٢ يوم الحرة فقتلناكم، فنحن نعلم يا معشر قريش أنكم لا تحبوننا أبدا، وأنتم تذكرون يوم الحرة، ونحن لا نحبكم أبدًا ونحن نذكر قتل عثمان".

"مروج الذهب ٢: ١٢٩".


١ راجع مجمع الأمثال للميداني ٢: ٦ في المثل: "كيف أعاودك وهذا أثر فاسك".
٢ هو مسلم بن عقبة المري صاحب وقعة الحرة، وذلك أن أهل المدينة كانوا كرهوا خلافة يزيد بن معاوية وخلعوه وحصروا من كان بها من بني أمية وأخافوهم، فوجه إليها مسلم بن عقبة، فحاصرها من جهة الحرة، "موضع بظاهر المدينة" ودخلها، ودعا الناس للبيعة على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء، وقد أباح المدينة ثلاثا: فقتل، ونهب، وسبى، وقيل: إن الرجل من أهل المدينة بعد ذلك كان إذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول: لعلها افتضت في وقعة الحرة. "وكانت في ذي الحجة من سنة ٦٣هـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>