للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم، ثم فاطمة في دينها وسابقتها؟ فأمك لعمر الله خير من أمه١، وأما أبوك فقد حاكم أباه إلى الله، فقضى لأبيه على أبيك". فقال الحسين: "حسبك جهلك، آثرت العاجل على الآجل". فقال معاوية: "وأما ما ذكرت من أنك خيرٌ من يزيدَ نفسًا، فيزيدُ والله خيرٌ لأمةِ محمدٍ منك". فقال الحسينُ: "هذا هو الإفك والزور! يزيدُ شاربُ الخمرِ، ومشتري اللهو خيرٌ مني! " فقال معاوية: "مهلا عن شتمِ ابنِ عمك؛ فإنك لو ذُكِرْتَ عنده بسوء لم يشتمك"، ثم التفتَ معاويةُ إلى الناس. وقال:

"أيها الناس: قد علمتم أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ ولم يستخلفْ أحدًا، فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، وكانت بيعتُهُ بيعةَ هدًى، فَعَمِلَ بكتاب الله وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يستخلفَ عمرَ، فعمل عمرُ بكتاب الله وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفرٍ اختارَهم من المسلمين، فصنع أبو بكر ما لم يصنعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصنع عمرُ ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظرًا للمسلمين، فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد، لما وقع الناس فيه من الاختلاف. ونظرًا لهم بعين الإنصاف".

وروي من طريق آخر: أن معاويةَ لما خرج إلى المدينة ودنا منها، استقبله أهلها، فيهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر؛ فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر، فَسَبَّهُ وقال: "لا مرحبًا بك ولا أهلا فلما دخل الحسينُ عليه قال: "لا مرحبًا بك ولا أهلا، بَدَنةٌ٢ يترقرق دمُها والله مُهَرِيقُه فلما دخل ابن الزبير قال: "لا مرحبًا بك ولا أهلا، ضبُّ تلعة٣، مدخلُ رأسِه تحت ذنَبِهِ فلما دخل عبد الله بن عمر قال: "لا مرحبًا بك ولا أهلا، وسَبَّهُ"، فقال:


١ وأم يزيد هي ميسون بنت بحدل الكلبية.
٢ البدنة: من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم تهدى إلى مكة، للذكر والأنثى.
٣ التلعة: ما ارتفع من الأرض وما انهبط منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>