للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨٥- خطبته لما مات عبد الملك بن مروان:

ولما مات عبد الملك بن مروان، قام فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:

"أيها الناس، إن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى نعى نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نفسه فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ؛ فمات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومات الخلفاء الراشدون المهتدون المهديون، منهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان الشهيد المظلوم، ثم تبعهم معاوية، ثم وليكم البازل١ الذكر، الذي جربته الأمور، وأحكمته التجارب، مع الفقه وقراءة القرآن، والمروءة الظاهرة، واللين لأهل الحق، والوطء لأهل الزيغ؛ فكان رابعًا من الولاة المهديين الراشدين، اختار الله له ما عنده، وألحقه بهم، وعهد إلى شبهه في العقل والمروءة والحزم والجلد والقيام بأمر الله وخلافته، فاسمعوا له وأطيعوه.

أيها الناس، إياكم والزيغ، فإن الزيغ لا يحيق إلا بأهله، ورأيتم سيرتي فيكم، وعرفت خلافكم وطيبكم، على معرفتي بكم، ولو علمت أن أحدًا أقوى عليكم مني، أو أعرف بكم ما وليتكم؛ فإياي وإياكم، من تكلم قتلناه، ومن سكت مات بدائه غمًا" ثم نزل.

"العقد الفريد ٢: ١٥٤"


١ الرجل الكامل في تجربته.

<<  <  ج: ص:  >  >>