للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ضوى١ إليكم من يزيدكم خبالًا: أهل العراق، هم أهل الشقاق والنفاق، هم والله عش النفاق، وبيضته التي تفلقت عنه، والله ما جربت عراقيًّا قط؛ إلا وجدت أفضلهم عند نفسه، الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول، وما هم لهم بشيعة، وإنهم لأعداءٌ لهم ولغيرهم، ولكن لما يريد الله من سفك دمائهم؛ فإني والله لا أوتى بأحد آوى أحدًا منهم أو أكراه منزلًا، أو أنزله؛ إلا هدمت منزله، وأنزلت به ما هو أهله٢.

ثم إن البلدان لما مصرها عمر بن الخطاب، وهو مجتهد على ما يصلح رعيته، جعل يمر عليه من يريد الجهاد؛ فيستشيره: الشام أحب إليك أم العراق؟ فيقول: الشام أحب إلي.

إني رأيت العراق داء عضالًا، وبها فرخ الشيطان، والله لقد أعضلوا بي٣، وإني لأراني سأفرقهم في البلدان، ثم أقول: لو فرقتهم لأفسدوا من دخلوا عليه بجدل وحجاج، وكيف؟ ولم؟ وسرعة وَجِيفٍ٤ في الفتنة؛ فإذا خُبِرُوا عند السيوف، لم يخبر منهم طائل٥، لم يصلحوا على عثمان، فلقي منهم الأمرين٦، وكانوا أول الناس فتق هذا الفتق العظيم، ونقضوا عُرا الإسلام عُروة عُروة، وأنغلوا٧ البلدان، والله إني لأتقربُ إلى الله بكل ما أفعل بهم لما أعرف من رأيهم ومذاهبهم، ثم وليهم أمير المؤمنين معاوية، فدامَجَهُم٨ فلم يصلحوا عليه، ووليهم رجلُ الناس٩ جلدًا،


١ ضوى كرمى: انضم ولجأ، والخبال: الفساد.
٢ ولم يترك بالمدينة أحدًا من أهل العراق، تاجرًا ولا غير تاجر، وأمر بهم أن يخرجوا، وحبس بعضهم وعاقبهم، ثم بعث بهم في جوامع إلى الحجاج بن يوسف.
٣ عضل به الأمر وأعضل: اشتد، وأعضله أيضًا.
٤ وجف يجف وجيفًا: اضطرب.
والوجيف: ضرب من سير الخيل والإبل.
٥ الطائل والطائلة والطول: الفضل والقدرة.
٦ الأمران: الفقر والهرم، وهو كناية عن اشتداد الأمر.
٧ أفسدوا، من تغل الأديم كفرح: فسد في الدباغ، وأفغله: أفسده.
٨ المدامجة مثل المداجاة ودامجه عليه: وافقه.
٩ يريد الحجاج بن يوسف.

<<  <  ج: ص:  >  >>