للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرها شديد، وماؤها ملح، وحربها صلح، قال: فالكوفة، قال: ارتفعت عن حر البحر، وسفلت عن برد الشام؛ فطاب ليلها، وكثر خيرها، قال: فواسط، قال: جنة، بين حماة وكَنَّة، قال: وما حماتها وكنتها١؟ قال: البصرة والكوفة يحْسِدانها، وما ضرّها، ودجلةُ والزابُ٢ ويتجاريان بإفاضة الخير عليها، قال: فالشام، قال: عروس، بين نسوة جلوس، قال: ثكلتك أمك يابن القرِّية، لولا اتباعك لأهل العراق! وقد كنت أنهاك عنهم أن تتبعهم؛ فتأخذ من نفاقهم، ثم دعا بالسيف، وأومأ إلى السياف أن أمسك، فقال ابن القرية: ثلاث كلمات أصلح الله الأمير كأنهن رَكْبٌ وُقُوف، يكنَّ مثلًا بعدِي، قال: هات، قال: لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة، ولكل حليم هفوة، قال الحجاج: ليس هذا وقت المزاح، يا غلام أوجب جَرْحه، فضُرِبَ عنقه.

وقيل إنه لما أراد قتله قال له: العرب تزعم أن لكل شيء آفة، قال: صدقت العربُ، أصلح الله الأمير، قال: فا آفة الحلم؟ قال: الغضب، قال: فما آفة العقل: قال: العجب، قال: فما آفة العلم؟ قال: النسيان، قال: فما آفة السخاء؟ قال: المنّ عند البلاء٣، قال: فما آفة الكرام؟ قال: مجاورة اللئام، قال فما آفة الشجاعة؟ قال: البغْي، قال: فما آفة العبادة؟ قال: الفترة، قال: فما آفة الذهن؟ قال: حديث النفس قال: فما آفة الحديث؟ قال: الكذب، قال: فما آفة المال؟ قال: سوء التدبير، قال فما آفة الكامل من الرجال؟ قال: العدم، قال: فما آفة الحجاج بن يوسف؟ قال: أصلح الله الأمير، لا آفة لمن كرم حسبه، وطاب نسبه، وزكا فرعه، قال: امتلأت شقاقًا، وأظهرت نفاقًا، اضربوا عنقه؛ فلما رآه قتيلًا ندم، وكان قتله سنة ٨٤هـ.


١ الكنة: امرأة الابن أو الأخ.
٢ الزاب الأسفل، والزاب الأعلى: نهيران يصبان في دجلة.
٣ الإبلاء: الإنعام والإحسان بلوت الرجل، وأبليت عنده بلاء حسنًا، وأبلاه الله بلاء حسنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>