فقال الحجاج:"والله لهممت أن أخلع لسانك، فأضرب به وجهك"، فقال جامع:"إن صدقناك أغضبناك، وإن غششناك أغضبنا الله، فغضب الأمير أهون علينا من غضب الله" قال: أجل وسكن، وشغل الحجاج ببعض الأمر؛ فانسل جامع، فمر بين صفوف خيل الشام، حتى جاوز إلى خيل أهل العراق- وكان الحجاج لا يخلِطهم فأبصر كبكبة١ فيها جماعة من بكر العراق، وتميم العراق، وأزد العراق، وقيس العراق؛ فلما رأوه اشرأبوا إليه، وبلغهم خروجه، فقالوا له: ما عندك؟ دافع الله لنا عن نفسك، فقال: ويحكم! عموه بالخلع كما يعمكم بالعدواة، ودعوا التعاديَ ما عاداكم؛ فإذا ظفرتم به تراجعتم وتعاقبتم، أيها التميمي: هو أعدى لك من الأزدي، وأيها القيسي: هو أعدى لك من التغلبي، وهل ظفر بمن ناوأه منكم إلا بمن بقي معه منكم؟ " وهرب جامع من فوره ذلك إلى الشام، فاستجار بزفر بن الحارث.