للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني:

وسارت القبائل من أهل مأرب حين خافوا سيل العرم، وعليهم مزيقياء، ومعهم طريفة الكاهنة، فقالت لهم:

"لا تؤموا مكة حتى أقول، وما علمني ما أقول إلا الحكيم المحكم، رب جميع الأمم، من عرب وعجم" قالوا لها: ما شأنك يا طريفة؟ قالت: خذوا البعير الشدقم١، فخضبوه بالدم، تكن لكم أرض جرهم٢، جيران بيته المحرم".

"الأغاني ١٣: ١٠٥".

وروى الميداني في مجمع الأمثال قال:

"ألقت طريفة الكاهنة إلى عمرو ين عامر الذي يقال له مزيقيا بن ماء السماء، وكانت قد رأت في كهانتها٣ أن سد مأرب سيخرب، وأنه سيأتي سبل العرم، فيخرب الجنتين٤، فباع عمرو بن عامر أمواله، وسار هو وقومه حتى انتهوا إلى مكة، فأقاموا بمكة وما حولها، فاصابتهم الحمى، وكانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى، فدعوا طريفة فشكوا إليها الذي أصابهم، فقالت لهم: قد أصابني الذي تشكون، وهو مفرق بيننا. قالوا: فما تأمرين؟ قالت:


١ الواسع الشدق.
٢ وكانوا يسكنون مكة؛ فأرسل إليهم عمرو أن أفسحوا لنا في بلادكم حق نقيم قدر ما نستريح ونرسل روادًا إلى الشأم وإلى الشرق؛ فحيثما بلغنا أنه أمثل لحقنا به، فأبت ذلك جرهم إباء شديدًا، وقالوا: لا والله ما نحب أن ينزلوا فيضيقوا علينا مرابعنا ومواردنا، وكانت الحرب بين الفريقين، وانهزمت جرهم فلم يفلت منهم إلا الشريد.
٣ كهن كهانة بالفتح فهو كاهن، وحرفته الكهانة بالكسر.
٤ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: ١٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>