للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النضر: والله يا أبا سعيد إنا على ما فينا لنحب ربنا، فقال الحسن:

"لقد قال ذلك قوم على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله تعالى عليه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} فجعل سبحانه اتباعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علما للمحبة، وأكذب من خالف ذلك، فاتق الله أيها الرجل في نفسك، وايم الله لقد رأيت أقواما كانوا قبلك في مكانك، يعلون المنابر، وتهتز لهم المراكب ويجرون الذيول بطرا ورياء الناس، يبنون المدر١، ويؤثرون الأثر٢، ويتنافسون في الثياب، أخرجوا من سلطانهم، وسلبوا ما جمعوا من دنياهم، وقدموا على ربهم، ونزلوا على أعمالهم، فالويل لهم يوم التغابن٣، ويا ويحهم {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيه، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} .

"الحسن البصري لابن الجوزي ص٥٠".


١ المدر: قطع الطين اليابسة؛ والمراد يبنون القصور.
٢ استأثر على أصحابه: اختار لنفسه أشياء حسنة واستبد بها، والاسم: الأثرة بالتحريك، والأثرة بالضم والكسر، والجمع أثر كفرصة وفرص.
٣ غبنه في البيع يغبنه، والتغابن: أن يغبن بعض القوم بعضًا، وسمي يوم القيامة يوم التغابن لأن أهل الجنة تغبن أهل النار بأخذ منازلهم في الجنة لو آمنوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>