للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليضرع إلى الله في صلة توفيقه، وإمداده بتسديده مخافة وقوعه في الغلط المضر ببدنه وعقله وأدبه؛ فإنه إن ظن منكم ظان، أو قال قائل: إن الذي برز من جميل صنعته، وقوة حركته؛ إنما هو بفضل حيلته، وحسن تدبيره، فقد تعرض بظنه أو مقالته إلى أن يكله الله عز وجل إلى نفسه، فيصير منها إلى غير كاف، وذلك على من تأمله غير خاف.

ولا يقل أحد منكم إنه أبصر بالأمور، وأحمل لعبء التدبير من مرافقه في صناعته ومصاحبه في خدمته؛ فإن أعقل الرجلين عند ذوي الألباب من رمى بالعُجْب وراء ظهره ورأى أن صاحبه أعقل منه، وأحمد في طريقته، وعلى كل واحد من الفريقين أن يعرف فضل نعم الله جل ثناؤه، من غير اغترار برأيه، ولا تزكية لنفسه، ولا تكاثر على أخيه أو نظيره، وصاحبه وعشيره، وحمد الله واجب على الجميع، وذلك بالتواضع لعظمته والتذلل لعزته، والتحدث بنعمته.

وأنا أقول في كتابي هذا ما سبق به المثل: "من يلزم النصيحة١ يلزمه العمل" وهو جوهر هذا الكتاب وغرة كلامه، بعد الذي فيه من ذكر الله عز وجل؛ فلذلك جعلته آخره، وتممته به، تولانا الله وإياكم يا معشر الطلبة والكتبة، بما يتولى به من سبق علمه بإسعاده وإرشاده؛ فإن ذلك إليه وبيده، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

"صبح الأعشى ١: ٨٥"


١ في نسخة: "الصحة"، وذكر الجاحظ في البيان والتبيين "٢: ٤٦" أن هذا القول من كلام الأحنف السائر في أيدي الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>