للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني أمية، وضعت لهم الكراسي، ووضعت لهم نمارق١، وأجلسوا عليها، وأجلس الغمر مع نفسه في المصلى، ثم أذن لشيعته فدخلوا ودخل فيهم سديف بن ميمون٢، وكان متوشحًا سيفًا، متنكبًا قوسًا، وكان طويلًا آدم٣، فقام خطيبًا.

فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أيزعم الضلال بم حبطت٤ أعمالهم أن غير آل محمد أولى بالخلافة؟ فلم وبم أيها الناس؟ لكم الفضل بالصحابة، دون حق ذوي القرابة، الشركاء في النسب، الأكفاء في الحسب، الخاصة في الحياة، الوفاة٥ عند الوفاة، مع ضربهم على الدين جاهلكم، وإطعامهم في الأولى جائعكم، فكم قصم الله بهم من جبار باغ، وفاسق ظالم، لم يسمع بمثل العباس، ولم تخضع له أمة بواجب حق، أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبيه، وجلدة ما بين عينيه٦، أمينه ليلة العقبة٧ ورسوله إلى أهل مكة، وحاميه يوم حنين٨، لا يرد له رأيًا، ولا يخالف له قسما، إنكم والله معاشر قريش ما اخترتم لأنفسكم من حيث ما اختاره الله لكم، تيمي٩ مرة، وعدوي١٠ مرة، وكنتم بين ظهراني قوم قد آثروا العاجل على الآجل، والفاني على الباقي، وجعلوا الصدقات في الشهوات، والفيء في اللذات والغناء، والمغانم،


١ نمارق جمع نمرقة كقنفذة: وهي الوسادة الصغيرة.
٢ مولى العباس السفاح.
٣ وصف من الأدمة، وهي كالسمرة وزنا ومعنى.
٤ فسدت.
٥ الوفاة جمع واف.
٦ خطب الوليد بن عبد الملك فقال: "إن أمير المؤمنين عبد الملك كان يقول: "إن الحجاج جلدة ما بين عيني" ألا وإنه جلدة وجهي كله" –البيان والتبيين ١: ١٦٠، ٣: ٢١-.
٧ يوم مبايعة الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وكانوا ثلاثة وسبعين رجلًا معهم امرأتان وليس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمه العباس –وهو على دين قومه- ولكنه رأى أن يحضر أمر ابن أخيه ليتوثق له.
٨ كان العباس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، حين انهزم المسلمون أو الموقعة، وكان آخذًا بلجام بغلته.
٩ يريد أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهو من تيم بن مرة بن كعب بن لؤي.
١٠ يريد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من عدي بن كعب بن لؤي.

<<  <  ج: ص:  >  >>