للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، فالسلطان يا بني حبل الله المتين، وعروته الوثقى، ودين الله القيم، فاحفظه وحطه، وحصنه وذب عنه، وأوقع بالملحدين فيه، واقمع المارقين منه، واقتل الخارجين عنه بالعقاب لهم، والمثلات١ بهم، ولا تجاوز ما أمر الله به في محكم القرآن، واحكم بالعدل ولا تشطط، فإن ذلك أقطع للشغب، وأحسم للعدو، وأنجع في الدواء، وعف عن الفيء، فليس بك إليه حاجة مع ما أخلفه لك، وافتتح عملك بصلة الرحم وبر القرابة، وإياك والأثرة، والتبذير لأموال الرعية، واشحن٢ الثغور، واضبط الأطراف، وأمن السبل وخص الواسطة٣ ووسع المعاش، وسكن العامة، وأدخل المرافق عليهم، واصرف المكاره عنهم وأعدل الأموال واخزنها. وإياك والتبذير، فإن النوائب غير مأمونة، والحوادث غير مضمونة، وهي من شيم الزمان، وأعد الرجال والكراع٤ والجند ما استطعت. وإياك وتأخير عمل اليوم إلى غد، فتتدارك عليك الأمور وتضيع، جد في إحكام الأمور النازلات لأوقاتها أولًا فأولًا، واجتهد وشمر فيها، وأعدد رجالًا بالليل لمعرفة ما يكون بالنهار، ورجالًا بالنهار لمعرفة ما يكون بالليل، وباشر الأمور بنفسك ولا تضجر، ولا تكسل، ولا تفشل، واستعمل حسن الظن بربك، وأسئ الظن بعمالك وكتابك، وخذ نفسك بالتيقظ، وتفقد من يبيت على بابك، وسهل إذنك للناس، وانظر في أمر النزاع إليك، ووكل بهم عينا غير نائمة، ونفسا غير لاهية، ولا تنم فإن أباك لم ينم منذ ولي الخلافة، ولا دخل عينه غمض إلا وقلبه مستيقظ، هذه وصيتي إليك، والله خليفتي عليك". "تاريخ الطبري ٩: ٣٢٠".


١ جمع مثلة: وهي العقوبة.
٢ أي املأها بالمدافعة.
٣ المتوسطة.
٤ الكراع: اسم مجمع الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>