للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، يَوْم لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ، يَوْم لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} ، فإن الدنيا دار غرور، وبلاء وشرور، واضمحلال وزوال، وتقلب وانتقال، قد أفنت من كان قبلكم، وهي عائدة عليكم وعلى من بعدكم، من ركن إليها صرعته، ومن وثق بها خانته، ومن أملها١ كذبته، ومن رجاها خذلته، عزها ذل، وغناها فقر، والسعيد من تركها، والشقي فيها من آثرها، والمغبون فيها من باع حظه من دار آخرته بها، فالله الله عباد الله، والتوبة مقبولة، والرحمة مبسوطة، وبادروا بالأعمال الزكية٢، في هذه الأيام الخالية، قبل أن يؤخذ بالكظم٣، وتندموا فلا تنالون الندم، في يوم حسرة وتأسف، وكآبة وتلهف، يوم ليس كالأيام، وموقف ضنك المقام. إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله، يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} -إلى آخر السورة- أوصيكم عباد الله بما أوصاكم الله به، وأنهاكم عما نهاكم عنه، وأرضى لكم طاعة الله، وأستغفر الله لي ولكم".

"العقد الفريد ٢: ١٤٦".


١ أمله أملًا وأمله بالتخفيف والتشديد.
٢ زكا يزكو: نما وصلح.
٣ الكظم: الحلق أو الغم، أو مخرج النفس، أي قبل الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>