للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-وكان محبوسًا- وقد كان عزم موسى على قتله، وقتل هارون الرشيد في تلك الليلة١ فحضر يحيى، وتقلَّد الوزارة، ووجه إلى يوسف بن القاسم بن صُبَيح الكاتب، فأحضره وأمر بإنشاء الكتب، فلما كان غداة تلك الليلة وحضر القوَّاد، قام يوسف بن القاسم، فحمد الله، وأثنى عليه، وصلى على محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم قال:

"إن الله بمنِّه ولطفه، منَّ عليكم معاشرَ أهل بيت نبيه، وبيت الخلافة، ومَعْدِن الرسالة، وإياكم أهل الطاعة من أنصار الدولة وأعوان الدعوة، من نعمه التي لا تحصى بالعدد، ولا تنقضي مدى الأبد، وأياديه التامة، أن جمع أُلفتكم، وأعلى أمركم، وشد عَضُدكم، وأوهن عدوكم، وأظهر كلمة الحق، وكنتم أولى بها وأهلها، فأعزكم الله وكان الله قويًّا عزيزًا، فكنتم أنصار دين الله المرتضَى، والذَّابِّين بسيفه المنتضى، عن أهل بيت نبيه -صلى الله عليه وسلم- وبكم استنقذهم من أيدي الظلمة أئمة الجور، والناقضين عهد الله، والسافكين الدم الحرام، والآكلين الفيء والمستأثرين به، فاذكروا ما أعطاكم الله من هذه النعمة، واحذروا أن تغيِّروا فيغيِّر بكم، وإن الله -جل وعز- استأثر بخليفته موسى الهادي الإمام، فقبضه إليه، وولى بعده رشيدًا مرضيًّا أمير المؤمنين بكم رءوفًا رحيما، من محسنكم قبولًا، وعلى مسيئكم بالعفو عطوفًا، وهو، أمتعه الله بالنعمة، وحفظ له ما استرعاه إياه من أمر الأمة، وتولَّاه بما تولى به أولياءه وأهل طاعته –بَعِدكم من نفسه الرأفة بكم، والرحمة لكم، وقَسْم أعطياتِكم فيكم عند استحقاقكم، ويَبْذُل لكم من الجائزة، مما أفاء الله على الخلفاء، مما في بيوت المال ما ينوب عن رزق كذا وكذا شهرًا، غير مُقَاضٍ لكم بذلك فيما تستقبلون من أعطياتكم وحاملًا باقي ذلك للدَّفع عن حريمكم، وما لعلَّه أن يحدث في النواحي والأقطار من


١ وكان الهادي يريد أن يجعل الخلافة في ابنه جعفر، ويخلع أخاه هارون. وسعى إلى الهادي بيحيى بن خالد، وقيل له إنه ليس عليك من هارون خلاف، وإنما يفسده يحيى بن خالد، فأغضب ذلك موسى الهادي على يحيى وأمر بحبسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>