للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أي بني اجلس أَمْنَحَك وصيَّتي، وبالله توفيقُك، فإن الوصية أَجْدَى١ عليك من كثير عقلك، أي بُنَيّ. إياك والنَّميمة فإنها تزرع الضغينة، وتفرِّق بين المحبِّين، وإياك والتعرض للعيوب فَتُتَّخَذَ غَرَضًا٢، وخَلِيق أن لا يثبت الغرض على كثرة السِّهام، وقلما اعتورت٣ السِّهام غرضًا إلا كَلَمَته٤ حتى يَهِيَ٥ ما اشتد من قوَّته، وإياك والجود بدينك، والبخل بمالك، وإذا هززت فاهزُز كريما يلين لهَزَّتك، ولا تهزُز اللئيم فإنه صخرة لا يتفجر ماؤها، ومَثِّل لنفسك مِثَال ما استحسنْتَ من غيرك فاعَمل به، وما استقبحتَ من غيرك فاجْتَنِبْه، فإن المرء لا يرى عيبَ نفسه، ومن كانت مودَّته بِشْرَه، وخالَف ذلك منه فعله، كان صديقه منه على مِثل الريح في تصرُّفها" ثم أمسكت، فدنوتُ منها، فقلت: بالله يا أعرابية إلَّا زِدْتِه في الوصية، فقالت: أوقد أعجبك كلام العرب يا عراقي؟ قلت: نعم. قالت: والغَدْر أقبح ما تعامل به الناس بينهم، ومن جمع الحِلْم والسَّخَاء فقد أجاد الحُلَّة٦: رَيْطَتها وسِرْبَالَها.

"الأمالي ٢: ٨١، والعقد الفريد ٢: ٨٥، وبلاغات النساء ص٥٧، والبيان والتبيين ٣: ٢٢١".


١ انفع
٢ هدفا.
٣ تداولت.
٤ جرحته وحطمته.
٥ وهي يهي: ضعف.
٦ الحلة لا تكون إلا من ثوبين إزار ورداء، والريطة؛ الملاءة كلها نسيج واحد وقطعة واحدة، والسربال: القميص.

<<  <  ج: ص:  >  >>