من عزم له على رشده، إن الله مع من أطاعه، وإن الشيطان مع من عصاه؛ فاستفتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، والتمسوا بذلك ما وعدكم الله، وعليكم بالذي أمركم به؛ فإني حريص على رشدكم. إن الاختلاف والتنازع والتثبيط من أمر العجز والضعف. وهو مما لا يحبه الله، ولا يعطي عليه النصر.
أيها الناس إنه قذف في قلبي أن من كان على حرام فرغب عنه ابتغاء ما عند الله؛ غفر له ذنبه، ومن صلى على محمد وملائكته عشرًا، ومن أحسن وقع أجره على الله في عاجل دنياه، أو في آجل آخرته، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فعليه الجمعة يوم الجماعة، إلا صبيًّا أو امرأة أو مريضًا أو عبدًا مملوكًا، ومن استغنى عنها استغنى الله عنه. والله غني حميد.
ما أعلم من عمل يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، ولا أعلم من عمل يقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه، وإنه قد نفث الروح الأمين في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي أقصى رزقها لا ينقص منه شيء وإن أبطأ عنها؛ فاتقوا الله ربكم، وأجملوا في طلب الرزق، ولا يحملنكم استبطاؤه على أن تطلبوه بمعصية ربكم؛ فإنه لا يقدر على ما عنده إلى بطاعته، قد بين لكم الحلال والحرام؛ غير أن بينهما شبهًا من الأمر لم يعلمها كثير من الناس إلا من عصم؛ فمن تركها حفظ عرضه ودينه، ومن وقع فيها كان كالراعي إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه، وليس ملك إلا وله حمى؛ ألا وإن حمى الله محارمه، والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد، إذا اشتكى تداعى إليه سائر جسده، والسلام عليكم".