للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أعرابي: "اللهم إني أسألك مِيتة كمِيتَة أبي خارِجَة، أكل بَذَجًا١، وشرب مِشْعَلًا٢، ونام في الشمس، فمات دفآنَ شبعانَ رَيَّانَ".

وقيل لأبي المِخَشِّ الأعرابي: أَيَسُرُّك أنك خليفة، وأن أمَتَك حُرَّة، قال: لا والله ما يسرُّني، قيل له: ولِمَ؟ قال، "لأنها كانت تذهب الأُمَّة، وتضيع الأَمَة".

وحضر أعرابي سفرة سليمان بن عبد الملك، فجعل يمرّ إلى ما بين يديه، فقال له الحاجب مما يليك فَكُل يا أعرابي، فقال: من أجدب انتجع، فشقَّ ذلك على سليمان وقال للحاجب: إذا خرج عنا فلا يَعُدْ إلينا.

وشهد بعد هذا سُفرته أعرابي آخر، فمرَّ إلى ما بين يديه أيضا، فقال له الحاجب، مما يليك فَكُل يا أعرابي، قال: من أخصب تخيَّر، فأعجب ذلك سليمان، فقربه وأكرمه وقضى حوائجه.

"وحضر أعرابي سفرة سليمان بن عبد الملك، فلما أُتِي بالفَالُوذَج، جعل يُسرع فيه، فقال سليمان: أتدري ما تأكل يا أعرابي، فقال: بلى يا أمير المؤمنين إني لأجد ريقًا هنيئًا، ومُزْدَرَدًا٣ ليِّنًا، وأظنه الصراط المستقيم الذي ذكره الله في كتابه، فضحك سليمان وقال: أَزِيدُك منه يا أعرابي؟ فإنهم يذكرون أنه يزيد في الدِّماغ، قال: كَذَبُوك يا أمير المؤمنين، لو كان كذلك لكان رأسك مثل رأس البغل! ".

"وحضر سفرة سليمان أعرابي، فنظر إلى شعره في لقمة الأعرابي، فقال: أرى


١ البذج: ولد الضأن.
٢ المشعل: شيء من جلود له أربع قوائم ينبذ فيه، وشرب مشعلا أي شرب ما فيه.
٣ ازدرده: ابتلعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>