للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاشيء مما يأكل الناس عندنا ... سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل١

وليس لنا إلا إليك فرارنا ... وأين فرار الناس إلا إلى الرسل؟

فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأنثى عليه، وقال: "اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، مريئًا هنيئًا مريعًا٢، سحًّا سجالًا٣، غدقًا٤ طبقًا ٥، ديمًا دررًا٦، تحيي به الأرض وتنبت به الزرع، وتدر به الضرع، واجعله سقيًا نافعة، عاجلًا غير رائث٧.

فوالله مارد رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله يده إلى نحره؛ حتى ألقت السماء أروافها٨، وجاء الناس يضجون: الغرق الغرق يا رسول الله، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا! ما فانجاب٩ السحاب عن المدينة؛ حتى استدار حولها كالإكليل، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده١٠.

"شرح ابن الحديدم ٣ ص٣١٦".


١ العامي: الذي أتى عليه عام، قال الشاعر: "من أن شجاك طلل عامي: والعلهز: طعام من الدم والبر كان يتخذ في المجاعة، والفسل: الريء الرذل من كل شيء.
٢ المربع الخصيب، أي تخصب به الأرض التي ينزل عليها.
٣ أي متداولًا بين البلاد، ينال كل منها نصيبه منه، والسجل بالفتح: النصيب والدلو المماوءة العظيمة، ويقال الحرب سجال: أي نصرتها بين القوم متداولة سجل منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء.
٤ الغدق: الماء الكثير.
٥ أي مالئًا للأرض مغطيًا لها، يقال غيث طبق: أي عام واسع يطبق الأرض.
٦ هو جمع درة بالكسر، يقال للسحاب درة: أي صب واندفاق، وقيل الدرر: الدار، كقوله تعالى: "دِيْنًا قَيِّمًا" أي قائمًا.
٧ أي غير بطيء.
٨ ألقت السحابة أرواقها: أي مطرها ووبلها.
٩ انكشف.
١٠ النواجذ: أقصى الأضراس.

<<  <  ج: ص:  >  >>