للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برعا في الأدب والعلم؛ فلما بلغ الشيخ أقصى عمره، وأشقى١ على الفناء، دعاهما ليبلو٢ عقولهما، ويعرف مبلغ علمهما؛ فلما حضرا: قال لعمرو -وكان الأكبر- أخبرني عن أحب الرجال إليك، وأكرمهم عليك. قال: "السيد الجواد، والقليل الأنداد، والماجد الأجداد، الراسي الأوتاد، الرفيع العماد، العظيم الرماد، الكثير الحساد، الباسل الذواد٣، الصادر الوراد" قال: ما تقول ياربيعة؟ قال: ما أحسن ما وصف! وغيره أحب إلي منه، قال: ومن يكون بعد ذا؟ قال: "السيد الكريم، المانع للحريم، المفضال الحليم، القمقام٤ الزعيم، الذي إن هم فعل، وإن سئل بذل".

قال: أخبرني يا عمرو بأبغض الرجال إليك؟ قال: البرم٥ اللئيم، المستخذي٦ للخصيم، المبطان٧ النهيم، العي البكيم، الذي إن سئل منع، وإن هدد خضع، وإن طلب جشع٨. قال: ما تقول يا ربيعة؟ قال: غيره أبغض إلي منه. قال: ومن هو؟ قال: النئوم الكذوب، الفاحش الغضوب، والرغيب عند الطعام، الجبان عند الصدام.

قال: أخبرني يا عمرو: أي النساء أحب إليك؟ قال: الهركولة٩ اللفاء١٠، الممكورة١١ الجيداء، التي يشفي السقيم كلامها، ويبري الوصب١٢ إلمامها، التي إن أحسنت إليها شكرت، وإن أسأت إليها صبرت، وإن استعتبتها١٣ أعتبت، الفاترة الطرف، الطفلة١٤ الكف، العميمة الردف. قال: ما تقول ياربيعة؟ قال: نعت فأحسن! وغيرها أحب إلي منها. قال: ومن هي؟ قال: "الفتانة العينين،


١ أشفى عليه: أشرف.
٢ ليختبر.
٣ من ذاد عنه: إذا دفع.
٤ السيد "ويضم".
٥ البرم: من لا يدخل مع القوم في الميسر.
٦ الخاضع المستكين، والخصيم: المخاصم.
٧ من همه بطنه، أو الرغيب لا ينتهي من الأكل.
٨ الجشع: أسوأ الحرص.
٩ المرتجة الأرداف.
١٠ الملتفة الجسم.
١١ المطوية الخلق من النساء والمستديرة الساقين، والجيداء: من الجيد بالتحريك، وهو طول الرقبة، أو دقتها مع طول.
١٢ المريض.
١٣ استعتبه: طلب إليه العتبى "الرضا" وأعتبه أعطاه العتبى.
١٤ الناعمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>