وإذا كان الشريف الرضي رحمه الله قد أفرد خطب الإمام علي كرم الله وجهه بمؤلف خاص، وهو:"نهج البلاغة" والإمام أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور، قد جمع في مؤلفه:"بلاغات النساء" طائفة قيمة من كلام بليغات النساء، وطرائف أقوالهن. رأيت أن نقلي ما ورد في هذين السفرين الجليلين بحذافيره، ليس على الحقيقة إلا ضمهما إلى كتابي، وتضخيمة بهما؛ ولذلك اجتزأت بإيراد جمله صالحة مماجاء فيهما؛ مما استدعاه المقام.
ولم أقتصر على إيراد الخطبة بإحدى الروايات الواردة فيها؛ بل عنيت بالتوفيق بين الروايات المختلفة، وإتمام بعضها من بعض، لما في ذلك من زيادة الفائدة للقارئ؛ فإذا ما رأيت الخطبة مروية بصورتين يتبين فيهما الاختلاف، أوردت الصورتين جميعًا.
وقد ضبطت ألفاظها ضبطًا وافيًا، وعقبت كل خطبة بذكر مصادرها التي نقلتها عنها، كما ذيلتها بشرح يفسر غريب ألفاظها، ويحل مستغلق كلماتها، وأوردت فيه كل ما تمس إليه الحاجة في فهمها، من نبذ تاريخية توضح المقامات التي ألقيت فيها، إلى ما هناك.
ولست أستطيع أن أصور للقارئ مقدار ما عانيت من المتاعب في رد كثير من الألفاظ إلى أصولها الصحيحة، بعد تقليبها على كل وجه ممكن، حتى تخلص من شوائب التشويه الشائن. الفاشي في كتب الأدب والتاريخ.
وإني أقدم كتابي هذا إلى أبناء العربية الشريفة، وفاء بما لها في عنقي من حق واجب، وصنيعة مشكورة، والله أسال أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع المرجو منه، وأن يمدني بروح منه، ويظلني بظلال الصحة