للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٤- خطبة لعلي:

ولما رجعت رسل علي من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه بالحرب قام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال:

"أيها الناس: إني قد راقبت هؤلاء القوم كي يرعووا أو يرجعوا، ووبختهم بنكثهم، وعرفتهم بغيهم فلم يستحيوا، وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان، واصبر للجلاد، وإنما تمنيك نفسك أماني الباطل، وتعدك الغرور، ألا هبلتهم١ الهبول، لقد كنت وما أهدد بالحرب، ولا أرهب بالضرب، ولقد أنصف القارة٢ من راماها، فليرعدوا وليبرقوا، فقد رأوني قديمًا، وعرفوا نكايتي، فكيف رأوني؟ أنا أبو الحسن الذي فللت حد المشركين، وفرقت جماعتهم، وبذلك القلب ألقى عدوي اليوم، وإني لعلى ما وعدني ربي من النصر والتأييد، وعلى يقين من أمري، وفي غير شبهة من ديني.

أيها الناس: إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيد ولا محيص، من لم يقتل مات، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة على الفراش.

اللهم إن طلحة نكث بيعتي، وألب على عثمان حتى قتله، ثم عضهني٣ به ورماني، اللهم فلا تمهله.

اللهم إن الزبير قطع رحمي، ونكث بيعتي، وظاهر علي عدوي، فاكفنيه اليوم بما شئت" ثم نزل.

"ابن أبي الحديد م ١: ١٠١".


١ هبلته أمه: ثكلته.
٢ القارة: قبيلة، وهم قوم رماة.
٣ عضهه: بهته، وقال فيه ما لم يكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>