أما بعد، فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أرشد الله أمره، وأعز نصره، بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب، وإلى العمل بالكتاب، والجهاد في سبيل الله، وإن كان في عاجل ذلك ما تكرهون، فإن في آجله ما تحبون إن شاء الله.
ولقد علمتم أن عليًّا صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وحده، وإنه يوم صدق به لفى عاشرة من سنه، ثم شهد مع رسول الله صلى الله وآله جميع مشاهده، وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله راضيًا عنه، حتى غمضه بيده، وغسله وحده، والملائكة أعوانه، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء، ثم أدخله حفرته، وأوصاه بقضاء دينه وعداته وغير ذلك من أموره، كل ذلك من من الله عليه.
ثم والله ما دعا إلى نفسه، ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه، ولا خلاف أتاه، حسدًا له وبغيًا عليه.
فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته والجد والصبر والاستعانة بالله والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين، عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته، وألهمنا وإياكم تقواه، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه، وأستغفر الله العظيم لي ولكم".