للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امضوا على بصيرتكم، واصبروا على عزيمتكم، فكأني بكم غدا، وقد لقيتم أهل الشأم كالحمر الناهقة، تصقع١ صقع البعير".

فكأني أراك على عصاك هذه، وقد انكفأ عليك العسكران، يقولون: هذه عكرشة بنت الأطرش بن رواحة، فإن كدت لتفلين أهل الشام لولا قدر الله، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا، فما حملك على ذلك؟ قالت: يا أمير المؤمنين يقول الله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية. وإن اللبيب إذا كره أمرًا لا يحب إعادته، قال صدقت، فاذكري حاجتك، قالت: إنه كانت صدقاتنا تؤخذ من أغنيائنا، فترد على فقرائنا، وإنا قد فقدنا ذلك، فما يجبر لنا كسير ولا ينعش لنا فقير، فإن كان ذلك عن رأيك، فمثلك تنبه من الغفلة، وراجع التوبة، وإن كان عن غير رأيك، فما مثلك من استعان بالخونة ولا استعمل الظلمة، قال معاوية: يا هذه إنه ينوبنا من أمور رعيتنا أمور تنبثق٢، وبحور تنفهق٣، قالت: يا سبحان الله! والله ما فرض الله لنا حقًّا، فجعل فيه ضررًا على غيرنا، وهو علام الغيوب. قال معاوية: يا أهل العراق، نبهكم علي بن أبي طالب، فلم تطاقوا، ثم أمر برد صدقاتهم فيهم، وإنصافهم.

"العقد الفريد ٢: ١٣١، وصبح الأعشى ١: ٢٥٣".


١ الصقع: رفع الصوت، صقع بصوته: رفعه. وفي صبح الأعشى تقصع قصع البعير. من قصع الجمل بجرته ردها إلى جوفه.
٢ انبثق: انفجر، وانبثق السيل عليهم: أقبل ولم يحتسبوه.
٣ تتسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>