{بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} . أما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لا يؤتى بكتاب هو أهدى في يديه؟ قال: بلى، قال فلم أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم ما أعطاهم؟ قال: إنصافًا وحجة، قال: فإني أعطيت القوم ما أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن الكواء: فإني أخطأت. هذه واحدة. زدني، قال علي: فما أعظم ما نقمتم علي؟ قال: تحكيم الحكمين، نظرنا في أمرنا، فوجدنا تحكيمهما شكًّا وتبذيرًا، قال علي: فمتى سمي أبو موسى حكمًا، حين أرسل، أو حين حكم؟ قال: حين أرسل، قال: أليس قد سار وهو مسلم، وأنت ترجو أن يحكم بما أنزل الله؟ قال: نعم، قال علي: فلا أرى الضلال في إرساله، فقال ابن الكواء: سمي حكمًا حين حكم، قال: نعم إذن فإرساله كان عدلًا، أرأيت يا بن الكواء لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مؤمنًا إلى قوم مشركين يدعوهم إلى كتاب الله، فارتد على عقبه كافرًا، كان يضر نبي الله شيئًا؟ قال: لا، قال علي: فما كان ذنبي إن كان أبو موسى ضل، هل رضيت حكومته حين حكم، أو قوله إذ قال؟ قال ابن الكواء: لا، ولكنك جعلت مسلمًا وكافرًا يحكمان في كتاب الله، قال علي: ويلك يا بن الكواء! هل بعث عمرًا غير معاوية؟ وكيف أحكمه وحكمه على ضرب عنقي، إنما رضي به صاحبه، كما رضيت أنت بصاحبك، وقد يجتمع المؤمن والكافر يحكمان في أمر الله، أرأيت لو أن رجلًا مؤمنًا تزوج يهودية أو نصرانية، فخافا شقاق بينهما، ففزع الناس إلى كتاب الله، وفي كتابه:{فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} فجاء رجل من اليهود، أو رجل من النصارى، ورجل من المسلمين، اللذين يجوز لهما أن يحكما في كتاب الله فحكما. قال ابن الكواء: وهذه أيضًا، أمهلنا حتى ننظر، فانصرف عنهم علي.
فقال له صعصعة بن صوحان: يا أمير المؤمنين، ائذن لي في كلام القوم، قال: نعم ما لم تبسط يدًا، فنادى صعصعة ابن الكواء، فخرج إليه فقال: أنشدكم الله يا معشر