للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عرفتهم أطفالًا ورجالًا، فهم أهل المكر والغدر" وأنكم إن فارقتم رأيي جانبتم الحزم؟ فعصيتموني وأكرهتموني حتى حكمت، فلما أن فعلت شرطت واستوثقت، فأخذت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن، وأن يميتا ما أمات القرآن، فاختلفا وخالفا حكم الكتاب والسنة، وعملا بالهوى، فنبذنا أمرهما، ونحن على أمرنا الأول، فما الذي بكم، ومن أين أتيتم؟ ".

قالوا: إنا حكمنا، فلما حكمنا أثمنا، وكنا بذلك كافرين، وقد تبنا، فإن تبت كما تبنا، فنحن منك ومعك، وإن أبيت فاعتزلنا، فإنا منابذوك على سواء١ إن الله لا يحب الخائنين".

فقال علي: "أصابكم حاصب٢، ولا بقي منكم وابر٣، أبعد إيماني برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهجرتي معه، وجهادي في سبيل الله، أشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذن وما أنا من المهتدين، فأوبوا شر مآب٤، وارجعوا على أثر الأعقاب٥ أما إنكم ستلقون بعدي ذلًّا شاملًا، وسيفًا قاطعًا، وأثرة٦ يتخذها الظالمون فيكم سنة".


١ هو من قوله تعالى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} ومعناه إذا هادنت قومًا فعلمت منهم النقض للعهد، فلا توقع بهم سابقًا إلى النقض حتى تعلمهم أنك نقضت العهد، فتكونوا في علم النقض مستوين لئلا يتهموك بالغدر، ثم أوقع بهم.
٢ الحاصب: الريح الشديدة تثير الحصباء "الحصى"، وحصبه: رماه بالحصباء.
٣ أي أحد. ويروى آبر، وهو الذي يأبر النخل أي يصلحه. ويروى آثر، وهو الذي يأثر الحديث أي يرويه ويحكيه. ويروى آبز، وهو الواثب.
٤ أي ارجعوا شر مرجع.
٥ الأعقاب جمع عقب "بكسر القاف": وهو مؤخر القدم، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} يدعو عليهم بانعكاس حالهم وارتدادهم وعودهم من العز إلى الذل.
٦ أي استبدادًا عليكم بالفيء والغنائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>