للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في القول، واعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب، ولا يلصق بهم العار، ولكن اقذفوه بحجره؛ تقولون له: إن أباك قتل عثمان، وكره خلافة الخلفاء من قبله؛ فبعث إليه معاوية، فجاءه رسوله. فقال: إن أمير المؤمنين يدعوك، قال: من عنده؟ فسماهم، فقال الحسن عليه السلام: ما لهم؟ خَرَّ عليهم السقف من فوقهم، وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون، ثم قال: يا جارية ابغيني ثيابي، اللهم إني أعوذ بك من شرورهم، وأدرأ١ بك في نحورهم، وأستعين بك عليهم، فاكفنيهم كيف شئت، وأنى شئت، بحول منك وقوة، يا أرحم الراحمين، ثم قام، فلما دخل على معاوية أعظمه وأكرمه، وأجلسه إلى جانبه، وقد ارتاد٢ القوم، وخَطَرُوا٣ خَطَران الفحول، بَغْيًا في أنفسهم وعلوًّا، ثم قال: يا أبا محمد، إن هؤلاء بعثوا إليك وعصوني. فقال الحسن عليه السلام: سبحان الله! الدار دارك، والإذن فيها إليك؛ والله إن كنت أجبتهم إلى ما أرادوا وما في أنفسهم إني لأستحيي لك من الفحش، وإن كانوا غلبوك على رأيك إني لأستحيي لك من الضعف، فأيهما تقر وأيهما تنكر؟ أما إني لو علمت بمكانهم جئت معي بمثلهم من بني عبد المطلب، وما لي أن أكون مستوحشًا منك أو منهم؟ إن وليي الله وهو يتولى الصالحين؛ فقال معاوية: يا هذا إني كرهت أن أدعوك، ولكن هؤلاء حملوني على ذلك مع كراهتي له، وإن لك منهم النَّصَفَ٤ ومني، وإنما دعوناك لنقررك أن عثمان قتل مظلومًا، وأن أباك قتله، فاستمع منهم ثم أجبهم، ولا تمنعك وحدتك واجتماعهم أن تتكلم بكل لسانك، فتكلم عمرو بن العاص:


١ أدفع.
٢ الارتياد: الذهاب والمجيء.
٣ خطر الرجل في مشيته: رفع يديه ووضعها واهتز وتبختر، وخطر بسيفه ورمحه: رفعه مرة ووضعه أخرى خطرانا "بالتحريك"، وخطر الفحل بذنبه: ضرب به يمينا وشمالا.
٤ الإنصاف والعدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>