قال كسرى: من أنت؟ قال: الحارث بن ظالم، قال إن في أسماء آبائك لدليلًا على قلة وفائك، وأن تكون أولى بالقدر، وأقرب من الوزر. قال الحارث: إن في الحق مغضبة. والسرو التغافل١، ولن يستوجب أحد الحلم إلا مع القدرة؛ فلتشبه أفعالك مجلسك، قال كسرى: هذا فتى القوم
ثم قال كسرى: قد فهمت ما نطقت به خطباؤكم، وتفتن فيه متكلموكم، ولولا أني أعلم أن الأدب لم يثقف أودكم، ولم يحكم أمركم، وأنه ليس لكم ملك يجمعكم؛ فتنطلقون عنده منطق الرعية الخاضعة الباخعة؛ فنطقتم بما استولى على ألسنتكم، وغلب على طباعكم، لم أجز لكم كبيرًا مما تكلمتم به، وإني لأكره أن أجبه وفودي، أو أحنق صدورهم، والذي أحب من إصلاح مدبركم، وتألف شواذكم، والإعذار إلى الله فيما بيني وبينكم، وقد قبلت ما كان في منطقكم من صواب، وصفحت عما كان فيه من خلل؛ فانصرفوا إلى ملككم، فأحسنوا موازرته، والتزموا طاعته، واردعوا سفهاءكم وأقيموا أودهم، وأحسنوا أدبهم؛ فإن في ذلك صلاح العامة.