للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٥- مقال ابن عباس:

فتكلم ابن عباس فقال:

رحم الله أبانا وأباك، كانا صَفِيَّيْنِ متفاوضين١، لم يكن لأبي من مال إلا ما فَضَلَ لأبيك، وكان أبوك كذلك لأبي، ولكن من هنَّأ أباك بإخاء أبي أكثر ممن هنَّأ أبي بإخاء أبيك، نصر أبي أباك في الجاهلية، وحقن دَمَه في الإسلام٢، وأما استعمال علي إيانا فلنفسه دون هواه، وقد استعملت أنت رجالا لهواك لا لنفسك، منهم ابن الحضرمي على البصرة فَقُتِلَ، وبسر بن أرطأة على اليمن فخان، وحبيب بن مرة على الحجاز فَرُدَّ، والضحاك بن قيس الفهري على الكوفة فحُصِبَ، ولو طلبت ما عندنا وقينا أعراضنا، وليس الذي يبلغك عنا بأعظم من الذي يبلغنا عنك، ولو وضع أصغر ذنوبكم إلينا على مائة حسنة لمحقها، ولو وضع أدنى عذرنا إليكم على مائة سيئة لحسَّها، وأما خذلنا عثمان فلو لزمنا نصْرُهُ لَنَصَرْنَاهُ، وأما قَتْلُنا أنصارَه يوم الجمل، فعلى خروجهم مما دخلوا فيه، وأما حَرْبنا إياك بصفين، فعلى تركك الحق وادعائك الباطل، وإما إغراؤك إيانا بتيم وعدي فلو أردناها ما غلبونا عليه" وسكت.

"العقد الفريد ٢: ١١٠".


١ التفاوض: الاشتراك في كل شيء والمساواة.
٢ يشير إلى ما كان من العباس إذ شفع عند النبي عليه الصلاة والسلام في أبي سفيان يوم فتح مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>