للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: أن الدباغ يطهر جميع الجلود حتى جلد الكلب والخنزير وهو قول الظاهرية (١)

واستدلوا بما روى مسلم عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله يقول: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ، فَقَدْ طَهُرَ» (٢).

وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: وَجَدَ النَّبِيُّ شَاةً مَيِّتَةً، أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟» فقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ: قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا» (٣).

وانفرد مسلم في رواية بلفظ: «هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا» وزيادة: «فَدَبَغْتُمُوهُ» شاذة (٤).

عن عائشة عن النبي قال: «طَهُورُ كُلِّ أَدِيمٍ دِبَاغُهُ» (٥).


(١) «المحلى» لابن حزم (١/ ١٣٢).
(٢) مسلم (٣٦٦).
(٣) البخاري (١٤٩٢)، ومسلم (٣٦٣).
(٤) مدار الحديث علي الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، واختلف على الزهري فيه: فرواه ابن عيينة عن الزهري بذكر «فَدَبَغْتُمُوهُ» ورواه مالك في الموطأ (٢/ ٤٩٨)، وصالح بن كيسان عند البخاري (٢٢٢١) ومسلم (٣٦٥)، يونس بن يزيد عند البخاري (١٤٢١) ومسلم (٣٦٣) ومعمر عند عبد الرزاق (١٨٤، ١٨٥) و أحمد (١/ ٣٦٥) وغيرهم عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس بدون زيادة: «فَدَبَغْتُمُوهُ»؛ فتبين شذوذ ذكر الدباغ من طريق ابن عيينة.
قال ابن تيمية «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٠١): ليس في صحيح البخاري ذكر الدباغ ولم يذكر عامة أصحاب الزهري عنه لكن ذكره ابن عيينة، ورواه مسلم في صحيحه، وقد طعن الإمام أحمد في ذلك وأشار إلى غلط ابن عيينة فيه، وذكر أن الزهري وغيره كانوا يبيحون الانتفاع بجلود الميتة بلا دباغ لأجل الحديث فهذا شذوذ في المتن، وفي نفس الحديث شذوذ في السند أيضًا لابن عيينة فهناك خلاف عليه في جعل الحديث من مسند ميمونة، وأصحاب الزهري الثقات الأثبات جعلوا الحديث من مسند ابن عباس.
(٥) أخرجه الدارقطني (١/ ٤٩)، والبيهقي (١/ ٢١) وغيرهما من طريق إبراهيم بن الهيثم عن علي بن عياش عن محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة به. وقال الدارقطني: إسناده حسن كلهم ثقات.

<<  <   >  >>