للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى (١).

النهي في هذا الحديث مطلق، وهذا يشمل الصحراء والبينان والنهي للتحريم. وروى مسلم عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: فَقَالَ: أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ (٢).

وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ، فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا» (٣). والأصل في النهي التحريم.

القول الثاني: يجوز استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط مطلقًا وهو قول عائشة وعروة وربيعة وداود (٤).

واستدلوا بما روى أحمد عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ قَدْ نَهَانَا عَنْ أَنْ نَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ أَوْ نَسْتَقْبِلَهَا بِفُرُوجِنَا إِذَا أَهْرَقْنَا الْمَاءَ. قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَة (٥).


(١) البخاري (٣٩٤) ومسلم (٢٦٤).
(٢) مسلم (٢٦٢).
(٣) مسلم (٢٦٥).
(٤) المنتقى شرح الموطأ (١/ ٣٣٦).
(٥) إسناده حسن: أخرجه أحمد (٣/ ٣٦٠) وأبو داود (١٣) وغيرهما، وفي إسناده ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث وأبان بن صالح أخطأ المزي وابن عبد البر وابن حزم فضعفوه وقد وثقه الأئمة كابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم، قال ابن حجر: وثقه الأئمة، ووهم ابن حزم فجهَّله وابن عبد البر فضعفه. واستدلوا أيضًا بما روى أحمد (٦/ ١٣٧) وغيره من طريق خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «اسْتَقْبَلُوا بِمَقْعَدَتِي الْقِبْلَةَ». ولهذا الحديث علتان: الأولى: في إسناده، خالد بن أبي الصامت: مجهول. والثانية: قد اختلف فيه ألوانًا، فرواه أحمد (٦/ ١٨٣) من طريق خالد الحذاء عن رجل عن عراك، عن عائشة به، ورواه إسحاق بن راهويه (٩٤/ ١) من طرق خالد الحذاء عن عراك عن عائشة بدون ذكر خالد بن أبي الصلت، وذكر البخاري «التاريخ الكبير» (٣/ ١٥٥) وابن أبي حاتم (٥٠) عن عراك عن عائشة موقوفًا ورجح البخاري وأبو حاتم أن الصحيح في هذا الحديث الوقف.

<<  <   >  >>