للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الفعل لبيان الجواز.

القول الثالث: ذهب جمهور العلماء: إلى أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط فى الصحراء، ويجوزفى البنيان، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث عنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا».

واستدلوا بما ورد في الصحيحين عن ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلَا تَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلَا بَيْتَ المَقْدِسِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدِ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ عَلَى لَبِنَتَيْنِ، مُسْتَقْبِلاً بَيْتَ المَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ (٢).

واستدلوا بحديث جابر قال: (رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ).

قال ابن حجر: وَدَلَّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى جَوَازِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فِي الْأَبْنِيَةِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ عَلَى جَوَازِ اسْتِقْبَالِهَا، وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ لَا يُخَصُّ مِنْ عُمُومِهِ بِحَدِيث ابن عُمَرَ إِلَّا جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فَقَطْ، وَلَا يُقَالُ: يُلْحَقُ بِهِ الِاسْتِقْبَالُ قِيَاسًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلْحَاقُهُ بِهِ لِكَوْنِهِ فَوْقَهُ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ قَوْمٌ فَقَالُوا بِجَوَازِ الِاسْتِدْبَارِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ، حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَبِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا قَالَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ (٣).


(١) المدونة (١/ ١١٧)، والأم (١/ ١٧٦)، والمغنى (١/ ١٠٧).
(٢) البخارى (١٤٨)، ومسلم (٢٦٦).
(٣) فتح الباري (١/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>